مصطفى صادق الرافعي

أديب كتب تحت راية القرآن

 محمد سيد بركة

  [email protected]

عرفت النهضة الأدبية المعاصرة  مصطفى صادق الرافعي هذا العَلَم الفذ مفكراً وأديباً، رائدا لأمته والرائد لايكذب أهله.وقف أمام تيار التغريب الذي مازال الأمة تعاني من آثاره في حياتها الاجتماعية والسياسية والثقافية.

وقد بدأ الرافعي قول الشِّعر في سن مبكرة، وبدأ بشعر يحاكي فيه فحول الشعراء العرب قوة وجمالاً، وفي الثالثة والعشرين من عمره أصدر الجزء الأول من ديوانه وأتبعه بعد سنة بالجزء الثاني، وبعد سنتين أخريين أصدر الجزء الثالث، وقد جمع الأجزاء الثلاثة في ديوان أسماه [النظرات] وأصدره سنة 1326هـ، وله أناشيد وطنيه وقصائد أخرى في فنون الشعر المختلفة.. وحينما بلغ سنُّه الثلاثين عدل عن قول الشعر وترديده وتحوَّل إلى الأدب المنثور.

الرافعي ..سيرة حياة

ولد مصطفى صادق بن عبد الرازق بن سعيد الرافعي في مدينة  [بهتيم] بمحافظة القليوبية بمصر سنة 1298هـ 1881م من أسرة الرافعي التي يتصل نسبها بعمر بن الخطاب. وبها قضى شطراَ من صباه والتحق بمدرستها الابتدائية. ثم نقل أبوه إلى المنصورة فانتقل في صحبته، وفي المنصورة التحق بالابتدائية التي تخرج منها سنة 1315هـ ثم أصيب بالمرض الذي أضعف من صوته وأفضى بسمعه إلى الصمم فانقطع عن الدراسة وأقبل على مكتبة أبيه التي كانت تزخر بصنوف الكتب وكان أبوه من علماء الأزهر، ولذا كان مجلسه عامراً بالعلماء والأدباء ومكتبته زاخرة بنفائس الكتب ومن هذه المصادر الثلاثة: [أبو الرافعي الشيخ عبد الرازق، ومكتبته، ومرتادو مجلسه من العلماء] استقى الرافعي علمه وتحصيله.

 ثم نقل الشيخ عبد الرازق إلى طنطا قاضياً بمحكمتها فانتقل معه ابنه مصطفى وبها عين كاتبا في المحكمة، وكان مثال الإخلاص والنشاط في عمله الذي لم يصرفه عن الإقبال على القراءة والكتابة وبقي بها حتى أحيل إلى التقاعد وكان قد رشح من رئيس التشريفات [نجيب باشا] لأن يكون شاعر الملك يمدحه في المناسبات فبقي كذلك حتى حل الإبراشي باشا محل نجيب باشا فاختلف مع الرافعي لأسباب غير معلومة ولذا هيأ الإبراشي المجال لعبد الله عفيفي كي يكون منافسا للرافعي فانقطع الرافعي عن مدح الملك، وانتخب عضوًا للمجمع العلمي بدمشق.

وكان منزله ومكتبته، ومقهى [ لمنوس ] أمكنة يرتادها تلامذة الرافعي ومحبوه وكان يتلقى أسئلتهم ويجيب عليها بصدر رحب، كما كان يبتهج بهؤلاء ويأنس بهم إلى أن توفي  في مدينة طنطا بمصر سنة 1356هـ 1937م.

حياته العملية

عين الرافعي كاتباً بمحكمة طلخا الشرعية عام 1899م. و ظل ينتقل من محكمة إلى أخرى حتى استقر به المقام في محكمة طنطا الأهلية.

إنتاجه الأدبي

يعد الرافعي في زمانه حامل لواء الأصالة في الأدب، ورافع راية البلاغة فيه، ثم إنه الرجل الذي وقف قلمه وبيانه في سبيل الدفاع عن القرآن ولغة القرآن، ولذا وجدنا الصراع يشتد بينه وبن أولئك الذين استراحوا للفكر الغربي وأقبلوا عليه حتى وإن كان حربا على أمتهم ودينهم ولغتهم.يقول الرافعي مخاطبا المستغربين :'علم الله ما فتن المغرورين من شبابنا إلا ما يأخذهم من هذه الحضارة فإن لها في زينتها ورونقها أخذة كالسحر فلا يميزون بين خيرها وشرها ولا يفرقون بين مبادئها وعواقبها ثم لا يفتنهم منها إلا ما يدعوهم إلى مايميت ويصدهم عما يحي وما يحول بينهم وبين قلوبهم فليس إلا المتابعة والتقليد .

'والحضارة الغربية أطلقت حرية العقول تجدد وتبتدع وأطلقت من ورائها الأهواء تلذ وتستمتع وتشتهي فضربت الخير بالشر ضربة لم تقتل ولكنها تركت الآثار التي هي سبب القتل إذ لا تزال تمد مدها حتى تنتهي إلى غايتها وذلك هو السر في أنه كلما تقادمت الأزمنة على هذه الحضارة ضج أهلها وأحسوا عللا اجتماعية لم تكن فيهم من قبل .'

ولقد كانت صلة الرافعي بالصحف مبكرة حيث أقبل عليها يودع صفحاتها مقالاته وبحوثه التي كان يطرق بها كل ميدان من ميادين الحياة، فيعالج قضايا المجتمع كالفقر والجهل وزواج الشيب بالشابات، ويركز على القضايا ذات الصبغة الإسلامية كمسألة السفور مثلاً.

 ويقف بقلمه في وجوه أعداء الإسلام الذين تكاثروا في ميدان الطعن فيه سواء منهم من كان من الغربيين، أومن مستغربي العرب، ويجعل من بيانه حصنا يصد عن اللغة العربية سهام المغرضين، ولقد عرف هؤلاء فيه قوته وصلابته فأرادوا استمالته إلى نهجهم من طريق إغرائه بالإمامة في الأدب في العصر الحديث.

ومن ذلك ما ورد في مقالة جبران التي رصدها الرافعي في كتابه [تحت راية القرآن] أو [المعركة بين القديم والجديد] ولقد بدأ الرافعي حياته الأدبية بالهجوم على أرباب المراتب العالية في الأدب مثل البارودي والمنفلوطي فلما صار في المقدمة من أهل هذا الفن عاد واعترف بأن عمله ذلك كان من نزق الشباب، وهذا دليل على صدق الرافعي مع نفسه والناس. ولم يكد منهج الرافعي يشتهر في الناس حتى أقبلوا عليه، وأقبلت معهم الصحف والمجلات وكان طبيعياً أن يجد من بعض مزامنيه من يقف في وجهه إما كرها لنهجه، وإما خوفاً من مزاحمته، وإما لأسباب أخرى.

ومن مؤلفاته 

1- تاريخ آداب العرب [ثلاثة أجزاء]، صدرت طبعته الأولى في جزأين عام 1329هـ،1911م.

وصدر الجزء الثالث بعد وفاته بتحقيق محمد سعيد العريان وذلك عام 1359هـ الموافق لعام 1940م.

2- إعجاز القرآن والبلاغة النبوية [وهو الجزء الثاني من كتابه تاريخ آداب العرب]، وقد صدرت طبعته الأولى باسم إعجاز القرآن والبلاغة النبوية عام 1928م.

3- المساكين، صدرت طبعته الأولى عام 1917م.

4- السحاب الأحمر.

5- حديث القمر.

6- رسائل الرافعي، وهي مجموعة رسائل خاصة كان يبعث بها إلى محمود أبي رية، وقد اشتملت على كثير من آرائه في الأدب والسياسة ورجالهما.

7- تحت راية القرآن، مقالات الأدب العربي في الجامعة، والرد على كتاب في الشعر الجاهلي لطه حسين.

8- على السفود، وهو رد على عباس محمود العقاد.

9- وحي القلم، [ثلاثة أجزاء] وهو مجموعة فصول ومقالات وقصص كتب المؤلف أكثره لمجلة الرسالة القاهرية بين عامي 1934- 1937م.

10- أوراق الورد.

11- رسائل الأحزان.

12- ديوان الرافعي [ثلاثة أجزاء] صدرت طبعته الأولى عام 1900م.

13- ديوان النظرات [شعر] صدرت طبعته الأولى عام 1908م.

قالوا وكتبوا عنه 

صدر عن حياته عدة كتب ودراسات منها: حياة الرافعي لمحمد سعيد العريان، الجانب الإسلامي في أدب مصطفى صادق الرافعي لعبد الستار علي السطوحي كما كتبت عن فكره وأدبه رسائل جامعية عديدة في جامعات مصر والسعودية وسورية.  

وقد كان للرافعي مقام كبير بين أدباء عصره، وهذه جمل من أقوالهم فيه:

يقول محمد عبده : أسأل الله أن يجعل للحق من لسانك سيفاً يمحق الباطل وأن يقيمك في الأواخر مقام حسان مع الأوائل.

وقال: سعد زغلول عن كتابه إعجاز القرآن ' بيان كأنه تنزيل من التنزيل أو قبس من نور الذكر الحكيم'.

أما العقاد فقال : إنه ليتفق لهذا الكاتب من أساليب البيان ما لا يتفق مثله لكاتب من كتاب العربية في صدر أيامها

وقال عنه أحمد زكي باشا الملقب بشيخ العروبة: لقد جعلت لنا شكسبير كما للإنجليز شكسبير وهيجو كما للفرنسيين هيجو وجوته كما للألمان جوته.

              

المصادر والمراجع:

1- حياة الرافعي، محمد سعيد العريان.

2- وحي القلم، مصطفى صادق الرافعي.

3- الجانب الإسلامي في أدب مصطفى صادق الرافعي، عبد الستار علي السطوحي.

4- أغاريد الرافعي، مصطفى نعمان البدري.

5- مجلة الأمة القطرية ( مجلة إسلامية شهرية كانت صدر في الدوحة حتى عام 1986)- العدد 34.

6- الأعلام للزركلي.

7- مصطفى صادق الرافعي فارس القلم لمحمد رجب البيومي

8-مجلة الأدب الإسلامي عدد خاص عن الرافعي-العدد 43، 44 .

9- مصطفى صادق الرافعي الأديب الناقد لإبراهيم الكوفي .