محطات في حياة الحاج محمد أمين الحسيني

محطات في حياة الحاج محمد أمين الحسيني

خليل الصمادي

[email protected]

1. ولد محمد أمين بن محمد طاهر بن مصطفى الحسيني عام 1897وهو العام الذي أنشئت فيه الحركة الصهيونية

2. تربى على يد الوالد طاهر مفتي القدس في تلك الفترة، درس العلوم الشرعية واللغة العربية في الكتاب ثم في مدارس الحكومة العثمانية و"مدرسة الفرير" في القدس

ذهب إلى مصر وقضى فيها سنتين في "دار لدعوة والإرشاد" التي أنشأها الشيخ محمد رشيد رضا وقد تبنى أفكار أستاذه، تردد على الأزهر والجامعات المصرية

3. ذهب للحج مع والدته محرما وهو ابن 16 عاما وذلك عام 1913

4. التحق بالمعاهد لعسكرية في الآستانة فتخرج كضابط احتياط بالفرقة46 المرابط في ولاية أزمير

5. دوره في الحركة الوطنية " انتسب إلى الجمعيات العربية السرية أثناء الحكم العثماني، ولما احتلت القدس في 9/12/1917 رتب أموره للعودة للقدس، في عام 1918 وضحت ميوله مع الثورة العربية ضد العثمانيين ووصف في ذلك الفترة بأنه موال للإنكليز إلا انه سرعان ما اكتشف خديعتهم فعاداهم ولا سيما بعد اكتشاف تأييدهم المطلق للحركة الصهيونية.

6. شارك في تأسيس أول تنظيم سياسي واسع بعد زوال الحكم العثماني وهو " الجمعية الإسلامية المسيحية" والنادي العربي في القدس 1918 وعدد من الجمعيات التي انتشرت في ربوع البلاد.

7. ساهم عام 1919 في إعداد وعقد أول مؤتمر عربي فلسطيني " المؤتمر الفلسطيني الأول"

8. في عام 1920 شارك بدور بارز في ثورة النبي موسى وحكم عليه بالسجن عشر سنوات إلا أنه هرب على سوريا وعاد بعد أشهر من صدور قرار بالعفو عنه فوضع تحت المراقبة لكنه ظل يوعي الناس مما يخطط البريطانيون للبلاد.

9. أسس في دمشق 1920 " الجمعية العربية الفلسطينية" بمشاركة العديد من الأعضاء السوريين والفلسطينين المقيمين بدمشق.

10. صار مفتي القدس عام 1921 وكان المفتي قبله أخوه كامل الذي توفي في 21/3/1921 ثم أبوه طاهر وقبله جده مصطفى، وقد رشح للمنصب ثلاثة معه هم الشيخ موسى البديري والشيخ خليل الخالدي والشيخ حسام جار الله وقد حصل الحاج أمين على المرتبة الرابعة إلا أن الاستياء ظهر في القرى وقامت المظاهرات في القرى والمدن تهتف " حاج أمين يا مفتينا" ووصلت الوفود المؤيدة والبرقيات من العالم الإسلامي، حتى النصارى في القدس رفعوا مضبطة للحاكم البريطاني للقدس "رونالد ستورز" يطالبونه بتعيين الحاج أمين مفتيا!! وتحت الضغط الشعبي وضغط أخيه انسحب الشيخ حسام الجار الله ليفسح المجال أمام الحاج أمين ليكون أحد الثلاثة الأوائل وبالتالي أحد المرشحين للمنصب.

11. حاولت بريطانيا إجهاض تجمع الفلسطينيين حول الحاج أمين إلا أنها عدلت عن رأيها بعد أن رأت الضغط الشعبي لانتخابه لذا قام "هربرت صمويل" ـ المندوب السامي ـ بتعيينه مفتيا للقدس وعمره لا يتجاوز 24 عاما

12. رئس المجلس الإسلامي الأعلى عام 1922 بعد منافسة حامية مع آل النشاشيبي الذين كانوا يطمحون برئاسة المجلس الإسلامي الأعلى تعويضا عن خسارتهم في منصب الإفتاء بمرشحهم الشيخ حسام الجار الله.

13. رئس المؤتمر الإسلامي الأول في القدس من 22 دولة إسلامية منهم محمد إقبال ورشيد رضا وشكري القوتلي وعبد العزيز الثعالبي وضياء الدين الطبطباي ومولانا شوكت علي وغيرهم، وكان للمؤتمر صدى كبيرا إذ قرر المجتمعون إنشاء جامعة إسلامية تمول من مسلمي العالم كرد على الجامعة العبرية في القدس،بالإضافة إلى تنبيه الأمة من خطر اليهود وتأكيد البعد الإسلامي لفلسطين، وسافر المفتي بعد المؤتمر لفتح باب التبرعات وقد جمع الملايين من الهند وحدها إلا أن بريطانيا التي كانت تحتل الهند منعت الأموال أن تخرج.

14. تزعم القضية الفلسطينية في الثلاثينات حتي نهاية الحرب العالمية الثانية وأصبح رمزا لها. واستخدم كل ما أتيح له من قوة في أرض فلسطين و خارجها لتأجيج ثورة يكون هو فيها المخطط والموجهه والمرجع ضد البريطانيين علهم يعترفون بحق تقرير المصير لعرب فلسطين فيوقفون هجرة اليهود التي أخذت تهدد الوجود العربي ويوافقون علي إنشاء حكومة عربية فلسطينية. كان معارضا قويا للمطالب الصهيونية في فلسطين والهجرة اليهودية إليها، أصبح بنتيجة سياسة الإنكليز الودية نحو اليهود معارضا لهم وألف لمواجهة الوكالة اليهودية اللجنة التنفيذية العربية التي كافحت الإنكليز ومن يؤيدهم من العرب بوسائل متعددة.

15. في عام 1937 عثرت القوات البريطانية على أسلحة مخبأة في حدود منطقة المسجد الأقصى وبعد التحقيق تبين أن المفتي مسؤول عن التخزين، فقامت القوات البريطانية بتطويق مقر المفتي فانسحب إلى المسجد الأقصى فطوقوا المسجد عدة أيام ,وأخيرا استطاع أن يتسلل إلى أرض خربة خلف المسجد وهناك تخفى بزي فلاح فلسطيني بمساعدة جماعة من محبيه وتسلل في مهارة فائقة ووصل إلى قرية الطنطورة القريبة من حيفا، حيث كان بانتظاره مجموعة من رجاله، وبقي هناك يومين ثم أركبوه قاربا يمم شطره نحو صيدا، وفي بيروت أعطته فرنسا حق اللجوء السياسي نكاية ببريطانيا وبقي في بيروت أكثر من سنتين حيث غدا منزله مقرا لإدارة النضال الفلسطيني يجتمع فيه كبار رجالات فلسطين ولبنان وسورية.

16. في 3 أيلول (سبتمبر) 1939 تحالف الخصمان إنكلترا وفرنسا من جديد فشددت سلطات الانتداب الفرنسي الرقابة علي المفتي ووضعته تحت حراسة قوية وقررت اعتقاله وتسليمه إلى الحكومة البريطانية وقبل أن تنفذ قرارها شعر المفتي بمخططها فاتصل بوساطة ببعض الشخصيات العراقية ومنهم الفريق طه الهاشمي وزير الدفاع والعقيد صلاح الدين الصباغ وطلب منهم السماح له بالسفر إلي بغداد والإقامة فيها وقد وافقت الحكومة العراقية علي إقامته في بغداد. فهرب من لبنان تحت جنح الظلام واجتاز سوريا متخفيا والتجأ إلي العراق ووصلها يوم 14 تشرين سنة 1939 والسلطات الفرنسية تجهل كل الجهل كيف استطاع المفتي أن ينجو من رقابتها وكيف ظلل رجال الأمن ووصل إلى العراق سالما غانما.

17. في عام 1941 أعلن رئيس الوزراء العراقي رشيد عالي الكيلاني الثورة الحرب على بريطانيا فقامت بريطانيا باجتياح العراق، وأعان تشرشل جائزة مقدارها 25ألف جنيها ذهبيا لمن يأتي بالمفتي حيا أو ميتا.

18. فر إلى طهران ولم يطل به المقام إذ اجتاحت جيوش بريطانيا وروسيا وأمريكا طهران وأسقطوا رضا بهلوي وأخذت القوات البريطانية تبحث عن الحاج أمين ففر بسيارة تحمل تبنًا إلى السفارة اليابانية إذ سارع موظفوها حسب الخطة فوضعوه على حمالة مريض متخفيا ونقلوه بالطائرة إلى تركيا التي مكث فيها عدة أيام ثم غادرها إلى برلين.
وفي العام نفسه وصل إلى برلين حيث استقبل استقبال الرؤساء والملوك ولم يكن هتلر في برلين إذ كان في الجبهة فأعد له قطار خاصا وحمله إلى مقر هتلر الذي أبدى استعدادا كبيرا لمساعدته ضد اليهود وبريطاني وهناك صار للحاج أمين مكانة عالية لم يصل لها أي عربي ففتحت له إذاعة برلين لبث بياناته منها وكان له الكلمة التي لا ترد عند هتلر وأعضاء حزبه.

19. في أواخر عام 1942 قابل وفدا طلابيا من جامعة روما أنبأه بالمجازر الوحشية التي اقترفت ضد المسلمين في البوسنة والهرسك. فالقوات الصربية اليوغسلافية منذ أكثر من سنة تفتك بالمسلمين وتدمر قراهم فقد حرقوا ثلاثمائة قرية مسلمة وقتلوا عشرات الآلاف من المسلمين، راجع وزارة الخارجية الألمانية بهذا الصدد فنصحوه بالسفر لروما وبحث الموضوع مع موسيليني وفي اليوم التالي وصل إلى روما وقابل موسيليني وشرح له أبعاد القضية الفلسطينية وناقشه بشأن مسلمي البوسنة والهرسك، فأبدى اهتماما ولكنه نصحه بالعودة للألمان الذين أخذوا يماطلون وأخيرا سمحوا له السفر يوم 14/3/1943 إلى فينا فزغرب فالبوسنة وهناك أسس نواة الجيش الإسلامي، ووصلت فرقهم حوالي مئة ألف جندي ومتطوع، وقفوا في وجه الطغيان مشاريع الإبادة.

20. أصدر الجنرال تتيتو بعد انتهاء الحرب وسيطرته على يوغسلافيا حكما غيابيا بإعدام المفتي لمساعدته مسلمي البوسنة والهرسك ضد الصرب والكروات

21. في عام 1945 انتحر هتلر وانهزمت ألمانيا وحلفاؤها فهرب المفتي إلى سويسرا ولكنه لم يكن مطمئنا بسبب الوجود الصهيوني فانتقل إلى منطقة حدودية بين سويسرا وفرنسا فاعتقله الفرنسيون وأودعوه السجن وبعد محاورات عدة بين أنصاره تم نقله إلى فيلا ليقيم بها إقامة إجبارية.

22. في عام 1946 ساعده معروف الدواليبي رئيس وزراء سوريا فيما بعد بالهروب إلى مصر بجواز سوري مزور إلى القاهرة حيث كان في ضيافة الملك فاروق الذي أعد له مكانا لائقا به بالرغم من تذمر البريطانيين من عمله .

23. بقي في القاهرة عشر سنوات حتى عام 1956 ذهب خلال يوم واحد عام 1948 إلى غزة ليعلن الحكومة الفلسطينية التي لم يكتب لها النجاح، وخلال ثورة عبد الناصر كانت علاقاته متأرجحة حسب ميول النظام فانبرت الصحافة المصرية بمهاجمته واتهامه بالتعاون مع الإخوان المسلمين فآثر مغادرة القاهرة عام 1956

24. وصل في العام نفسه إلى بيروت وظل في بيروت يعمل من أجل القضية الفلسطينية في مكتب الهيئة العربية العليا لفلسطين والذي افتتح عدة فروع له في دمشق ونيويورك والقاهرة والرياض وغيرها وكان يصدر نشرته الشهرية فلسطين توفي الحاج أمين في بيروت عام 1974وقام الكفاح الفلسطيني المسلح بتشييعه إلي مثواه الأخير وانبري علي رأس المشيعين عرفات الذي أمسك بحفنة من تراب في يده وأقسم علي تلك الحفنة وهو يردد "أنه سيسير علي دربه البطولي وأنه هو الذي علمنا النضال وهو السلف ونحن الخلف".لم تسمح إسرائيل بدفن الحاج أمين في القدس لأنها اعتبرته وما زالت تعتبره العدو رقم واحد لليهود وكان اليهود يطالبون برأسه تماما مثلما طالب الإنجليز وتيتو يوغسلافيا من قبل

رحم الله الحاج أمين الحسيني وأسكنه فسيح جناته .