ياسين السعدي
أحمد الجدع
التواصل مع أدباء جنين وشعرائها يسعدني، وقد أسعدني حقاً زيارة الصديق الشاعر ياسين السعدي أكثر من مرة في مكتبي بدار الضياء كلما جاء من جنين إلى عمان لأمر يهمه.
كنت أمطره بالأسئلة عن جنين، رجالها الذين كنت أعرفهم واحد واحدا، من منهم بقي، من منهم ذهب ، أدباؤها هل لا يزالون يقولون أم صمتوا؟أطفالها هل حملوا هـَمّ فلسطين كما كنا نحلم دائماً، جبالها هل لا زالت شامخة صامدة أم أنها زالت لهول ما رأت وما كابدت، قراها هل لا زالت صامدة بأهلها أم فقدتهم وحل بها من تنكرهم ولا تستطيع أن تلفظهم، مساجدها هل عمرت بالمصلين الموحدين المجاهدين أم أقفرت منهم وما بقي لها إلا أصحاب الاستكانة والخور......
أسئلة وأسئلة... أمطرها... فتنزل قطراتها على فؤاده فينتفض ترة ويصمت أخرى!
ياسين...... يا ياسين.... ألست تستشعر فخرا بهذا الاسم الذي سُميته على اسم سورة من سور القرآن الكريم..... ألا يبعث فيك هذا الاسم عزة المسلم ونخوة الإنسان المؤمن.... أجبني بحق هذا النور القرآني الذي يصاحبك أنى ذهبت وحيث حللت
تجيبني أبيات من قصائده.... يبثها من وحي إيمانه ويقينه:
يا قوم هذا كتاب الله يرشدنا إلى الصراط، به قد عزت العرب
هو السبيل إلى تحقيق غايتنا في ظله، مالنا من غيره سبب
ويستمر............. يستمر ياسين........... ويستمر السعدي.
أنا لا أعرف حقيقة الانتماء بهذا الاسم: السعدي ، لعله أن يكون انتماء لسعد بن بكر أفصح قبائل العرب التي فيها استُرضع رسول اللهr ولعله أن يكون انتماء إلى سعد تميم أكبر القبائل العربية التي حاولت أن تحتل روما مرتين.... أنا لا أدري، ويكفي أن أعتقد أن هذا الاسم ... من السعادة.... وهو مجال التفاؤل الواسع.... تفاؤل ينطلق فيه الأمل بلا حدود.
ولد ياسين السعدي في قرية من قرى جنين تدعى "المزار" وهي قرية السعديين الرابضة في قمة جبل المزار.....ومنه أخذت اسمها "المزار" وهي تطل على قرية "عين جالوت" .... ألا يذكرنا هذا الاسم بأمجادنا.... ألا يذكرنا هذا الاسم بالانتصار العظيم للمسلمين على المغول؟
ولمن لا يعرف معنى انتصار المسلمين على المغول أقول: لقد كانوا برابرة متوحشين أحرقوا معالم الحضارة واجتاحوا بغداد أم الحضارات .... تماماً كما يفعل الأمريكان اليوم......
وكما باد مغول الأمس سوف يبيد مغول اليوم.... وأنا أقسم على ذلك.
أنا أطرب كلما ذكرت أسماء هذه القرى.... إنها قرى أعرفها وأعشقها وهي قريبة جداً من القرى التي عاش فيها أبي وأعمامي.... وهي قرى موصولة بجنين المدينة التي ولدت فيها....
ياسين السعدي شاعر، أهداني واحداً من دواوينه، وهو كاتب صحفي لا يتوقف عن الكتابة من أجل فلسطين... وأنا ترجمت له في كتابي "معجم الأدباء الإسلاميين المعاصرين"
القضية الفلسطينية تمر بمخاض عظيم، وعلى درب هذا المخاض سالت دماء غزيرة، كثير منها بسلاح يهودي... وبعض منها بسلاح فلسطيني....
انقسم الفلسطينيون بين مهادن للعدو.... ومجاهد له.... وكانت دماء.
أحزنت هذه الدماء شاعرنا فصرخ:
واسـوأتـاه إذا أضـحـى مـاذا يقول شهيد الأمس حين يرى فـيـم الخلاف ، علام الخلف بينكم وهل تحررت الأوطان ؟ هل رجعت | سلاحكمفـي وجـه بعضكم بعضاً دماءكم من رصاص البعض تنتثر؟ هـل انتهى زمن الأعداء واندحروا؟ مـديـنـة الـقدس بالأمجاد تزدهر | سينفجر
ياسين السعدي من مواليد عام 1940م، عاش النكبة بتفاصيلها ومآسيها، واكتوى بنارها، هاجر من بلد إلى بلد، ثم استقر في جنين مجاهداً بقلمه، لا يكل ولا يمل .... ، ورغم المآسي فإنه يؤكد أن فجر فلسطين قد أطل.... والموعد الغَدُ.....
أنا وأخي ياسين السعدي.... وكل فلسطيني ننتظر الفجر الموعود، وكل أت قريب.