الشيخ صبحي الصالح
أحمد الجدع
هذا الشيخ العالم الشهيد من أساتذتي الذين تلقيت على كتبهم العلم في جامعة بيروت العربية، وأنا قرأت الكتب المقررة لأساتذة في الجامعة، فوجدت بعضها كتبا، ووجدت بعضها كلاماً، بعضه لا يضر ولا ينفع وبعضه يضر ولا ينفع .
كيف وصلت هذه الكتب إلى مقررات الجامعة، وماذا تفيد الدراسة الجامعية طلابها إذا كانت تقرر كتبنا منها ما يضر ولا ينفع؟!
ولكن الزمن الذي درست فيه في جامعة بيروت العربية كان مختلطاً، يحوي من هذا وذاك، ولكن من أَجَلّ الأساتذة الذين علموني فيها الشيخ صبحي الصالح، ومن أنفع الكتب وأكثرها فائدة كتب الشيخ صبحي الصالح.
كانت المادة التي يدرسها مادة القرآن والحديث، وقد تقرر لها كتابان من تأليفه، "مباحث في علوم القرآن" و"علوم الحديث ومصطلحه" ولا زال هذان الكتابان عندي، فقد حرصت عليهما، ولإعجابي بهما وبمؤلفهما حرصت على اقتناء سائر كتبه، وسعيت إلى هذا الهدف سعياً، وقد استطعت أن أضم لمكتبتي من كتبه: " دراسات في فقه اللغة" و" النظم الإسلامية نشأتها وتطورها" و"معالم الشريعة الإسلامية" و"شرح الشروط العمرية" وكلها نافع مفيد.
والذي أحب أن أشير إليه أن لكتابيه في علوم القرآن وعلوم الحديث فضلاً عليّ، فما عرفت هذين العلمين إلا منهما، ولا زلت أرجع إليهما كلما دعت الحاجة، وهما الآن أمامي وأنا أكتب هذه الكلمات.
ولد الشيخ صبحي الصالح في مدينة طرابلس بشمال لبنان عام 1926م من عائلة تركية الأصل، وذلك يوم لم يكن المسلم يفرق بين تركي وعربي أو أفغاني وإيراني... فالإسلام كان جنسية الجميع.....
درس الشيخ في الأزهر، وفي كلية الآداب بجامعة القاهرة، ثم حصل على الدكتوراه من جامعة السوربون بفرنسا عام 1954م.
درَّس في كثير من الجامعات العربية، وكان نائباً لرئيس المجلس الإسلامي الأعلى بلبنان ، وكان من وجوه المسلمين وقادتهم في لبنان، وكان له تأثير واسع في الأحداث اللبنانية، وكان من أعمدة المسلمين فيها، وقد حرص الأعداء على تجريد المسلمين من قادتهم ، فاغتالوه عام 1986م كما اغتالوا من بعده الشيخ حسن خالد مفـتي لبنان وكان مثله مكانة وعلماً وتأثيرا (اغتيل عام 1989م)، وعندي قصيدة للشاعر عمر بهاء الدين الأميري، في رثاء الشيخ حسن خالد.
أعود إلى الكتابين اللذين أفدت منهما فهما وعلماً، "مباحث في علوم القرآن" و"علوم الحديث ومصطلحه" فأقول بأنهما كتابان على جانب كبير من الأهمية، عرضا علوم القرآن وعلوم الحديث بأسلوب يحبب هذين العلمين للمسلمين، وأنا لم أعرف هذين العلمين إلا عن طريق هذين الكتابين، ومن عجب أن المسلمين انصرفوا عن هذه العلوم الأساسية في عقيدتهم، فجهلوهما فيما جهلوا من أصول دينهم.
وهل جهل المسلمون هذين العلمين فقط! إن الجهل قد أطبق على المسلمين حتى لم يعودوا أمة "اقرأ" بل وا أسفاه، لقد أصبح بين المسلمين وبين الكتب نفورا، وماذا تكون قيمة أمة تنفر من الكتاب؟
تداعيات استدعتها كتب العالم الشهيد صبحي الصالح، جزاه الله عن دينه خير الجزاء.