من مجالس الحمويين إلى معاركهم .. من هو "مروان حديد"؟
تداول الحمويون قصص الشيخ مروان حديد بالسر والهمسات خلف الجدران، طيلة عقود تلت مجزرة الثمانينيات، فعرفه جيل الشباب جيدًا دون الالتقاء به، بعدما تحول بنظرهم إلى أسطورة ضد الظلم والاستبداد، الذي اتسم به حكم البعث لسوريا منذ انقلاب عام 1963.
اشتراكي النشأة، إخواني النزعة، مهندس وشاعر من الطراز الرفيع، وجهادي رفع السلاح في وجه السلطة جهرًا، اعتقله أمين الحافظ في الستينيات، وأخلى سبيله مخافة غضب شعبي، خرج مؤخرًا من قمقم الأحاديث الجانبية، ليصبح اسمًا لمعركة تهدف إلى طرد الأسد من حماة.
استبشرت أسرة الحاج خالد حديد، وهو التاجر الحموي المعروف في حي البارودية العريق وسط حماة، بمولودها الجديد مروان، كان ذلك عام 1934، فنشأ الشاب الرابع بين أشقائه الخمسة في بيئة مثقفة تأثرت بفكر الزعيم الاشتراكي الحموي أكرم الحوراني.
يتحدث الباحث التاريخي وعضو الائتلاف الوطني المعارض، سليمان الحراكي، عن عائلة حديد في مدينة حماة، فيشير بالوثائق التي يملكها إلى أن مؤسس العائلة هو السيد محمد حديد، والذي دخل حماة مع حسين بيك العظم متسلِّم المدينة إبان الدولة العثمانية، ثم استوطن فيها نهاية القرن الثامن عشر، في محلة البارودية في حاضر حماة.
وعليه، فإن مروان حديد ينتمي إلى أسرة معروفة في الوسط الاجتماعي الحموي، تصنف ضمن الطبقة المتوسطة التي احترفت التجارة، وتسلَّم بعض أبنائها وظائف رسمية في الدولة العثمانية وبعد الاستقلال عن فرنسا، وفقًا للحراكي.
درس الطالب مروان في مدارس حماة، وحصل على شهادة الثانوية العامة عام 1955، ليدخل كلية الهندسة الزراعية في جامعة عين شمس في مصر ويتخرج منها في العام 1964، ثم التحق بكلية الآداب في جامعة دمشق وحاز على بكالوريوس في قسم الفلسفة عام 1970، كل ذلك أكسب الشاب ثقافة واسعة فكان المهندس والشاعر، قبل أن يصبح ثائرًا في وجه السلطة.
عودةً إلى مرحلة الثانوية، انتسب مروان إلى الحزب الاشتراكي بزعامة أكرم الحوراني، وعين مسؤولًا ماليًا للحزب في مدرسته ابن رشد، متأثرًا بميول أشقائه الأربعة، قبل أن يتغير مزاجه ويميل باتجاه جماعة الإخوان المسلمين ، ويقول في مذكراته كنت اشتراكيًا بدافع البيئة التي أعيشها بين أشقائي، وبدافعٍ من واقع الأمة المرير الذي يبحث عن طريق الخلاص من الاستبداد المُسلّط على الإنسان البسيط .
ويتحدث الباحث سليمان الحراكي عن مروان وأشقائه، فيقول رغم انتمائه إلى أسرة غلب عليها الفكر الاشتراكي، والتبعية لحزب السياسي السوري أكرم الحوراني، إلا أنه فضَّل مواجهة ما رآه ظلمًا وباطلًا على الركون إليه، فانتمى شقيقه الكبير أحمد، وهو محامٍ لامع، إلى الحزب الاشتراكي، وعدنان الحائز على دكتوراه في الصيدلة والمخابر عرف بنفس توجه أحمد، كذلك الضابط والدبلوماسي كنعان الذي سرّحه جمال عبد الناصر إبّان الوحدة بين مصر وسوريا حمل أيضًا فكر أشقائه الثلاثة .
شكّل خروج مروان للدراسة في مصر مرحلة مفصلية في حياته، فتعرف هناك إلى تلامذة مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، حسن البنا، ومن بينهم المنظر الإسلامي سيد قطب، والذي أعدم في عهد الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر عام 1966، فعاد الشاب إلى حماة عضوًا مؤثرًا في جماعة الإخوان .
عقب عودته عام 1964، عكف مروان حديد على إقامة الندوات والدروس الدينية في منزله في حي البارودية، وشارك في احتجاجات طلابية في ذات العام، دعت لها الجماعة في مدرسة عثمان الحوراني في منطقة الحاضر، إثر صدامات مع البعثيين، لتتطور الأحداث إلى اعتصام قاده مروان في مسجد السلطان بحي الدباغة وسط حماة، قابله رد عسكري بقصف المسجد وقتل عدد من المعتصمين واعتقاله ونقله إلى العاصمة دمشق.
هناك واجه مروان الرئيس السوري الراحل أمين الحافظ، ودارت بينهما أحاديث حادة، ليتحول إلى محكمة عسكرية ترأسها آنذاك المقدم مصطفى طلاس، ويدور بينهما حوار استهزأ من خلاله الشاب بالسلطة، وخلّده الحمويون في مجالسهم، ونقلته إذاعة…. لقراءة المقال بالكامل، يرجى الضغط على زر الموقع الرسمي أدناه
وسوم: العدد 688