الشيخ سلمان العودة
هو نموذج لطالب العلم العامل الواقف على ثغرة من ثغور الإسلام مدافعا ومنافحا
هو أديب مجاهد في صفوف الدعاة بقلمه ، وهو خير من فقه :
( وجاهدهم به - أي القرآن - جهادا كبيرا )
وهو حفظه الله يعمل في عدة جبهات ولاقى في سبيل الله العقبات فاعتقل في بلده عندما دافع عن حقوق الإنسان
أول ماعرفته في كتابه
(حوار هادئ مع محمد الغزالي )
ولايتقن الحوار الهادئ إلا علامة وداعية مخلص للحق .
ومع أني تلميذ للشيخ الغزالي قرأت كل كتبه بامعان
كنت حفيا أن اقرأ من يعرف مافي كتبه من أخطاء صنعها حماسه لهذا الدين واندفاعه في الذب عنه ،، وقد خاض الغزالي رحمه الله معارك شرشة مع الشيوعين الحمر والعلمانين الصفر ،، وأجمل كتبه في نظري عن الدعاء :
( فن الذكر والدعاء عند خاتم الأنبياء )
ونقد الشيخ سلمان كان حول كتاب ( السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث ) وفعلا كان الغزالي رحمه المولى قاسيا جدا على بعض الدعاة وافهامهم عن السنة المطهرة ،، لذا لم استغرب نقد الشيخ سلمان المهذب القوي الحجة ولم اتعصب لشيخي الغزالي .
قال مالك رحمه الله كل إنسان يؤخذ منه ويرد عليه إلا صاحب هذا القبر ، أي محمد عليه السلام
رحم الله الإمام مالك كان يقول إن من شيوخي من استسقي بهم المطر ولكني أرفض حديثهم
سلمان العودة ، داعية اسلامي ومفكر سعودي ، كان يطلق عليه من مشايخ الصحوة في المملكة الذين وجهوا نقدا شديدا لحكومتهم لتعاونها مع امريكا في حرب الخليج الثانية وتدميرهم للعراق ، كان معه الشيخ سفر الحوالي وعائض القرني وعبد الله الحامد وناصر العمر وصهرنا حمد الصليفيح الموسى
والطريري وغيرهم كثير
وألقي القبض عليهم وأدخلوا السجون ، وقضى العودة ومثله الشيخ حمد أشهرا طويلة في زنزانات منفردة في سجون الرياض وأطلق سراحهم
وقفوا في وجه الظلم ، ونصحوا شباب الأمة ، وأشادوا بالشباب المجاهدين .
وأفرج عن سلمان العودة 1999
وسمح له بإقامة المحاضرات الدعوية بعيدا عن السياسة
الأخ الكريم الداعية المتواضع الذي يمثل صفة الداعية بكل معانيها لي معه ذكريات :
كنت مع صهري السعودي الشيخ حمد تلميذ أبو الأعلى المودودي والداعية الكبير على مستوى العالم الاسلامي ، أمين الندوة العالمية للشباب المسلم وأمين عام التوعية الإسلامية بوزارة المعارف السعودية ، كنا في سيارته التي تقلنا إلى عرفات و ( الحج عرفة ) كما قال النبي الكريم رواه الترمذي والنسائي ،
فمرت بنا سيارة وقفت للسلام وكان اللقاء الأخوي للعودة وحمد على غير معاد ، دعانا الرجل أن نرافقه إلى مخيمه في عرفة ، وكان قد أحضر معه إلى مخيمه بعض الشباب من تلاميذه ومحبيه ، ووصلنا إلى مقره في عرفة خيمة كبيرة تتسع لمائة حاج ومثلها للنساء ، شباب الدعوة يقفزون كعاصفير الجنة قرب حوض النبي عليه السلام ، في باحة المعسكر مالذ وطاب من عصيرات باردة وماء مثلج ، وأنت في عز الصيف والشيخ الجليل محمد علي الصابوني حفظه الله يوزع على الداخلين إلى أرض عرفة مظلات بيضاء تقي الحر مجانا ، وهذا من أنواع الخير الذي أمر الله به ( وافعلوا الخير لعلكم تفلحون )
نعمنا في مخيم عرفة للعودة حفظه الله بكلمات نيرة وعظات بليغة ، أطهر كلام وأعظمه في أطهر البقاع ، مع باقة فواحة من الدعاة العظام حمد وسلمان ،
إن قلت أنها أعظم لحظات العمر فلست مبالغا ، وما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا ، قدم لنا طعام الكبسة وعليه الخروف المشوي ، صدقا لم أذق كبسة في حياتي كما ذقتها في ضيافة الشهم النبيل والداعية القدير الشيخ سلمان العودة ، علم وفير وإخلاص قدير ، وترحيب يشرح الفؤاد ، واصداء لبيك اللهم لبيك تملأ الاذان والقلوب ، وغابت شمس يوم التاسع وافترقنا والنفس مشوقة إلى سلمان وعلمه وأدبه وتواضعه وحسن ترحيبه وجمال ضيافته.
كان معي في مخيم عرفات أم حمدي صارت بعد عرفة من رجال الليل وقوامه ، عندما سقطت على الأرض كانت تتوضأ لأداء ركعات لله رب العالمين في ظلمات الليل سبقتني في هذا المجال رحمها المولى .
وانتقل إلى مشهد علم سلمان
قرأت كتابه العظيم ( مع الله ) وهو يشرح أسماء الله الحسنى بلغة أدبية عالية ، وكما قالوا عن المرأة الحسناء لا تصفها إلا مرآتها كذلك كتاب مع الله للعودة لايصفه إلا أديب كبير كالرافعي والعقاد والطنطاوي
هذا الكتاب للداعية الصادق العودة كتب بلغة المحبين العالية وهو يتحدث عن الذات الإلهية ، لم أقرا في حياتي كتابا مرتين قراءة متأنية أضع خطا بالأحمر على كل عبارة جميلة إلا هذا الكتاب ، وكل الكتاب جميل ، فهو يتحدث عن إله قال عنه نبينا عليه السلام ( إن الله جميل يحب الجمال ) راوه مسلم في صحيحه
وللعلم فقد قرأت فيما مضى كتابا لشاعر الإنسانية المؤمنة رجل الحركة الاسلامية في سوريا الوزير عمر الاميري له نفس العنوان ( مع الله ) وهو ديوان شعر عظيم أثنى عليه عباس محمود العقاد بما لا آتي أنا بمزيد
وهناك كتاب آخر للداعية الأديب الشيخ محمد الغزالي اسمه أيضا ( مع الله ) وهو إجلاء صورة عن الإسلام العظيم
الدين الذي هدى الملايين في الشرق والغرب
لكن كتاب العودة يحببك بخالق الأرض والسماء ، وخالق الإنس والجن ، وخالقك أنت وأنا وخالق سلمان والغزالي والقرضاوي وحسن البنا والسباعي
وقرأت قبل شهر لسلمان العودة كتاب ( أسئلة العنف ) في طبعته الثانية أهداه إلى صناع العنف في العالم
وهو أبحاث كتبت في فترات متباعدة ، ومقالات نشرت في أحداث متفرقة ، يؤلف بينها أنها ذات موضوع واحد
هو موضوع العنف والإرهاب وتوابعه كالمقاومة والجهاد والتكفير ، يعالج الكتاب موضوع القتل ومايسبقه من التكفير
وفيه دعوة للمسلمين شعوبا وحكومات وجماعات إلى الإحساس بالمسؤولية عن الواقع المرير لهذه الامة
كتاب أنصح كل مجاهد بقراءته قراءة متأنية وفقه الله
وختاما بذكر الباقيات الصالحات : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله ولاحول ولا قوة إلا بالله
وسلاما معطرا وتحية زكية إلى أخينا الكبير والداعية العظيم ولانزكيه على الله والله حسيبه ، وأرجو ممن كان قريبا منه أن يبلغه التحيات والسلام ، ولرفيقنا في سفر الحج الداعية حمد الموسى له الرحمة الذي مات شهيدا في الطريق إلى مدينة رسول الله المنورة به عليه السلام ، ودفن في البقيع رحمه الله
وإلى مجتهد العصر العلامة القرضاوي التحية والسلام
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
( ملاحظة : لا نكتفي بالاعجاب بل اقرأ الكتب المذكورة آنفا أبحث عنها واحضرها والمثل العامي يقول الذي يفتش عن ربه يلاقيه ؟؟ وفقكم الله )
والله أكبر.. والعزة للإسلام
وسوم: العدد 709