السلطان صلاح الدين الأيوبي سحق أعداء الله
#نسر_الشرق 2
قال ابن كثير رحمه الله ( برز السلطان صلاح الدين من دمشق يوم السبت مستهل محرم في جيشه ، فسار إلى رأس الماء فنزل ولده الأفضل هناك في طائفة من الجيش ، وتقدم السلطان ببقية الجيش إلى بصرى فخيم على قصر أبي سلام ، ينتظر قدوم الحجاج ليسلموا من معرة برنس الكرك ، فلما جاز الحجيج سالمين سار السلطان فنزل على الكرك وقطع ما حوله من الأشجار ، ورعى الزرع وأكلوا الثمار ، وجاءت العساكر المصرية وتوافت الجيوش المشرقية ، فنزلوا عند السلطان على رأس الماء ، وبعث الأفضل سرية نحو بلاد الفرنج فقتلت وغنمت وسلمت ورجعت ، فبشر بمقدمات الفتح والنصر، وجاء السلطان بجحافله فالتفت عليه جميع العساكر ، فرتب الجيوش وسار قاصداً بلاد الساحل ، وكان جملة من معه من المقاتلة اثني عشر ألفاً غير المتطوعة ، فتسامعت الفرنج بقدومه فاجتمعوا كلهم وتصالحوا فيما بينهم ، وصالح قومس طرابلس وبرنس الكرك الفاجر ، وجاءوا بحدهم وحديدهم ، واستصحبوا معهم صليب الصلبوت يحمله منهم عباد الطاغوت وضلال الناسوت ، في خلق لا يعلم عدتهم إلا الله عز وجل ، يقال :كانوا خمسين ألفاً ، وقيل : ثلاثاً وستين ألفاً ، وقد خوفهم صاحب طرابلس من المسلمين فاعترض عليه البرنس صاحب الكرك ، فقال له : لا أشك أنك تحب المسلمين وتخوفنا كثرتهم ، وسترى غب ما أقول لك ، فتقدموا نحو المسلمين ) .
،
ويعتقد بعض الناس أن معركة حطين نهاية الفرنج الصليبين في المنطقة ، والحقيقة أنها بداية النهاية ، إذ استمرت الحروب بعدها قرابة القرن انتهت أخيراً باقتلاع الممالك الإفرنجية من ساحل الشام وفلسطين ، فحطين لم تحطم ممالك الفرنج ولم تقض عليها نهائياً ، بل أسست بداية جديدة لموازين القوى ، وأكدت أن قوة الصليبين يمكن أن تقهر ، فقد كانت معركة فاصلة بين حدين ، أي أنها ختمت مرحلة التراجع والهزائم وأسست مرحلة الانتصارات والتقدم ،
...
#حطين_الحاسمة
بعد أن أقام صلاح الدين في الأقحوانة على الطرف الجنوبي لبحيرة طبرية مدة خمسة أيام, ارتحل عنها باتجاه الغرب للوصول إلى قرية الصنبرة الواقعة عند التلال المحيطة بالمنطقة القريبة من بحيرة طبرية
وعلى الرغم من نيته الاشتباك مع العدو في معركة فاصلة, إلا أنه أراد بتحركه أن يثيرهم ليدفعهم إلى ترك مراكزهم عند صفورية, والزحف إليه وقد نجح في ذلك؛ فقد أصدر الملك جاي لوزينان الأوامر إلى الجند بالمسير؛ فاتخذ الجيش الصليبي الذي بلغ تعداده خمسين الفاً وقيل ثلاثة وستون الفاً، في الصباح الباكر من يوم الجمعة (23 من ربيع الآخر عام 583 الموافق 2 من يوليو عام 1187، طريقه شرقًا نحو طبرية, يتقدمه ريموند الثالث؛ لأن الجيش يجتاز إمارته.
واخيراً اشبتك الجيشان وكانت معركة حطين، وحطين هى قرية عربية في فلسطين تقع إلى الغرب من مدينة طبرية، تصل سهل حطين بسهل طبرية عبر فتحة طبيعية شديدة الانحدار. وكان السهلان معبرين طبيعيين للقوافل التجارية والجيوش على مر العصور ويخترقهما طريقان رئيسيان قرب سهل جبل طبرية، وقد وضع صلاح الدين رحمه الله تكتيكات عسكرية رائعة. وكان ذلك بتاريخ 1187 م / 583 هـ , وقد أسر صلاح الدين ملوك الصليببين ومنهم "أرناط" حاكم الكرك إلا أنه قتله لأنه خان الوعود والمواثيق أكثر من مرة. وحصل على "صليب الصلابوت"، وهو صليب كبير يظن النصارى أن المسيح صلب عليه وهو من أقدس مقدساتهم.
..
حول مقتل ارناط
..
أرناط أو يسمى كذلك باسم رينالد شايتون، من مواليد سنة 1125 م/ 519 هجرية في مدينة شاتيلون سور لوار شمال وسط فرنسا الصليبية، وينتمي لعائلة شاتيلون الفرنسية والتي كان لها دورا بارزا في الحملات الصليبية ضد البلاد الاسلامية ولاسيما بيت المقدس "اورشاليم".
بعد معركة حطين المباركة سنة 583 هجرية/ 1187 ميلادية، والتي تكللت بانتصار كبير للمسلمين بقيادة القائد المُسلم صلاح الدين الايوبي رحمه الله على الصليبيين المتغطرسين اعداء الاسلام والمسلمين، أمر القائد صلاح الدين رحمه الله باحضار الملك غي دي لوزينيان والامير أرناط الى خيمته، ولما مثلوا أمامه قدم للملك شراب الجلاب (الزبيب) المثلج، فشربها الملك وكان على أشد حال من العطش بعد الأسر، ثم ناولها لارناط، فقال صلاح الدين رحمه الله للترجمان: "انما ناولتك، ولم اذن لك ان تسقيه، هذا لا عهد له عندي". وذلك كون العادة السائدة كانت أنه لو شرب الأسير أو أكل من مال من أسرة أمن، وكان صلاح الدين رحمه الله قد نذر أنه لو ظفر بأرناط قتله بعد ان قتل من المسلمين عددا كبيرا.
بعد ذلك أمر صلاح الدين رحمه الله باحضار بعض الطعام للملك غي، وما أن انتهى حتى أمر باحضار أرناط وأوقفه بين يديه ثم قال له: "نعم أنا أنوب عن رسول الله مُحمد صلى الله عليه وسلم في الانتصار لأمته". ودعاه الى اعتناق الاسلام، فرفض وقال ما يتضمن الاستخفاف بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، فسلّ صلاح الدين رحمه الله سيفه وقطع عنق أرناط، وأمسكه الجنود وأخرجوا جثته ورموها على باب الخيمة، وراه الملك غي يتخبط في دمائه ويلفظ أنفاسه الأخيرة فخاف وبدأ يرتعش وشحب لونه معتقدا أنه لاحق به، فاستحضره صلاح الدين رحمه الله وقال له: "أنا أحدثك حديث الأمراء، لا تخاف فانا لا أقتل الملوك. ان سبب ما فعلته به أن الكرك كانت طريق التجار والمسافرين فكان يعتدي على القوافل بظلم وعنف، وكان السلطان العادل نور الدين زنكي وغيره يطلبون الصلح معه ليخففوا ضرره على المسلمين، فكان يوافقهم مرة ولا يعتدي على التجار والف مرة يعتدي. فلما حكمت البلاد أرسلت له وهاديته بمال كثير وخلع.. فحلف لرسولي أنه لن يؤذي المسلمين وسترك التجار بلا ضرر ويمهد لهم الطريق ولن يعتدي أي واحد من أصحابه عليهم، وبعد الصلح بثلاثة أيام عبرت قافلة قاصدة دمشق فساقلها بجمالها ورجالها وأموالها وذهب بها الى الكرك فأسر رجالها وأخذ الأموال فلما عرفت بأمر نقوضه العهد كتمت الغيظ ونذرت الله أنني متى ظفرت به أذبحه وأقطع رقبته".
..
خلال شهرين من معركة حطين فتح صلاح الدين عكا والناصرة وحيفا ونابلس وجنين وبيسان ويافا وصفد وبيروت والرملة وبيت لحم والخليل.
بقيت للصليبيين ممالك قائمة مثل جزء من أنطاكيا (جنوب تركيا شمال الشام) وطرابلس (في لبنان) وبيت المقدس.
تجمع الصليبين الهاربين من الممالك التي استرجعت في بيت المقدس ولم لكن ليدعوها بسهولة لأنها تضم أقدس مقدساتهم.
بعد حطين توجه جيش المسلمين إلى القدس وحاصرها وأدرك أهلها (60 ألف) أنهم عليهم الاستسلام . وكان ذلك عام 1187 م / 583 هـ.
سمح صلاح الدين للنصارى بمغادرة القدس بشرط ألا يأخذوا معهم سلاح لكن يسمح لهم بأخذ أموالهم ومتعاهم.
كان هذا التسامح من صلاح الدين شيء لم يعرفه التاريخ إلا في سير الأنبياء والمرسلين. وهذا التسامح بإطلاق سراح المقاتلين والشباب والنساء والشيوخ والأطفال من بيت المقدس معاكس تماماً لما فعله الصليبيون من جرائم فظيعة لأهل القدس عندما احتلوها.
استعاد المسلمون القدس ودخلوا المسجد الأقصى بتاريخ 1187 م / 583 هـ, وكان يوماً مشهوداً فتكبيرات كانت تزلزل المدينة المقدسة والمسلمون يسجدون لله شكراً له على هذا الفتح العظيم، وقيل ان اصوات التكبيرات ظلت تعلو فى المدينة ايام طويله حتى تسمع من مسافة بعيدة عن بيت المقدس,
دخل صلاح الدين الأقصى وصلى فيه ومعه المسلمون وأمر صلاح الدين أن يؤتى بالمنبر الخشبي العظيم الذي بناه نور الدين زنكي فوضع في المسجد الأقصى وظل كذلك حتى عام 1969 ( عندما حصل حريق المسجد الأقصى على يد مايك روهان اليهودي. وبقيت آثار من المنبر حتى اليوم في المتحف الإسلامي في المسجد الأقصى) بعد استرجاع بيت المقدس فتح صلاح الدين عكا وطرابلس ثم فتح اللاذقية والكرك فكان ذلك سبباً في زلزلة أوروبا وتحضيرها لهجمة صليبية ثالثة.
،
مصادر ( البداية والنهاية ) للعلامة الحافظ ابن كثير
مصادر ( مفرج الكروب في أخبار بني أيوب ) لأبن واصل الحموى
( التاريخ الحربى المصري ) لــ نظير سعداوى
اذا اتممت القراءة فكتب كلمة تم وشاركوه اذا اعجبكم لو سمحتم
تحياتى #محمد_منصور
وسوم: العدد 709