الشاعر نزار قباني في ذكرى رحيله
ولد نزار توفيق قباني في أحد أحياء مدينة دمشق العريقة ( مئذنة الشحم ) في 21 – 3 - 1923 من عائلة دمشقية عريقة فوالده تاجر دمشقي وجيه ، اهتم في بداية حياته بالرسم ثم انتقل إلى الموسيقا ، وأبعدته بعد ذلك هموم الدراسة عن هذه الهوايات ، حصل على البكالوريا من مدرسة الكلية العلمية الوطنية بدمشق ، ثم التحق بكلية الحقوق بالجامعة السورية وتخرّج فيها عام 1945 .
التحق بعد تخرجه بالعمل الدبلوماسي ، وتنقل خلاله بين القاهرة ، وأنقرة ، ولندن ، ومدريد ، وبكين ، ولندن. وفي ربيع 1966 ، ترك نزار العمل الدبلوماسي وأسس في بيروت دارا للنشر تحمل اسمه ، وتفرغ للشعر. وكانت ثمرة مسيرته الشعرية إحدى وأربعين مجموعة شعرية ونثرية، كانت أولها " قالت لي السمراء " 1944 وقد طبعت جميع دواوينه ضمن مجلدات تحمل اسم ( المجموعة الكاملة لنزار قباني ) وله عدد من الكتب النثرية أهمها : ( قصتي مع الشعر ، ما هو الشعر ، 100 رسالة حب ).
بدأ أولاً بكتابة الشعر التقليدي ثم انتقل إلى شعر التفعيلة، وساهم في تطوير الشعر العربي الحديث إلى حد كبير. يعتبر نزار مؤسس مدرسة شعريه و فكرية، تناولت دواوينه الأربعة الأولى قصائد رومانسية. وكان ديوان "قصائد من نزار قباني" الصادر عام 1956 نقطة تحول في شعر نزار، حيث تضمن هذا الديوان قصيدة "خبز وحشيش وقمر" التي انتقدت بشكل لاذع خمول المجتمع العربي. وأثارت ضده عاصفة شديدة وصلت إلى البرلمان ، حتى أن رجال الدين في سوريا طالبوا بطرده من الخارجية وفصله من العمل الدبلوماسي. تميز قباني أيضاً بنقده السياسي القوي، من أشهر قصائده السياسية "هوامش على دفتر النكسة" 1967 التي تناولت هزيمة العرب على أيدي إسرائيل في نكسة حزيران. من أهم أعماله "حبيبتي" (1961)، "الرسم بالكلمات" (1966) و"قصائد حب عربية" (1993).
كان لانتحار شقيقته التي أجبرت على الزواج من رجل لم تحبه، أثر كبير في حياته, قرر بعدها محاربة كل الاشياء التي تسببت في موتها. وعندما سئل نزار عما اذا كان يعتبر نفسة ثائراً, أجاب :" إن الحب في العالم العربي سجين و أنا أريد تحريره، أريد تحرير الحس و الجسد العربي بشعري " .
تزوّج نزار قباني مرتين، الأولى من ابنة عمه "زهراء آقبيق" وأنجب منها هدباء و وتوفيق . و الثانية من عراقية هي "بلقيس الراوي" و أنجب منها عُمر و زينب . توفي ابنه توفيق و هو في السابعة عشرة من عمرة مصاباً بمرض القلب و كانت وفاتة صدمة كبيرة لنزار، و قد رثاه بقصيدة سماها ( الأمير الخرافي توفيق قباني ) وكان طالباً في كلية الطب بجامعة القاهرة . وفي عام 1982 قُتلت بلقيس الراوي في انفجار السفارة العراقية ببيروت، وترك رحيلها أثراً نفسياً سيئاً عنده ورثاها بقصيدة شهيرة تحمل اسمها ( بلقيس )
بعد مقتل بلقيس ترك نزار بيروت وتنقل في باريس وجنيف حتى استقر به المقام في لندن التي قضى بها الأعوام الخمسة عشر الأخيرة من حياته . ومن لندن كان نزار يكتب أشعاره ويثير المعارك والجدل ..خاصة قصائده السياسة خلال فترة التسعينات مثل : متى يعلنون وفاة العرب؟؟ ، و المهرولون .
توفي نزار في لندن يوم 30 نيسان 1998 عن عمر يناهز 75 عاما ونقل جثمانه إلى مدينته دمشق .
وسوم: العدد 718