البطل عبد العزيز محمود
البطل عبد العزيز محمود تمتع منذ نعومة أظافره بالذكاء وحب العمل والوطن وفى شبابه انضم إلى أسرة مؤسسة الأهرام حيث عمل مندوباً لتوزيع الجريدة فى مدينة السويس وكان يذهب بصفة يومية إلى مدينة السويس وذات يوم ذهب إلى زميله محمد فهمى حسنين بإدارة المطابع بجريدة الأهرام وأخبره برغبته بعقد قرانه على شقيقته سلوى وبالفعل تحققت رغبته وتم الزفاف ووهب حياته لبيته وعمله وبعد وفاة شقيقه الأصغر جلال محمود عاش عبد العزيز حالة من الحزن الشديد وبعد اندلاع معارك أكتوبر 1973 واصل البطل عبد العزيز محمود عمله وسفره اليومى إلى مدينة السويس ثم صدرت الأوامر بوقف خط السفر إلى مدينة السويس نظراً للأخطار الكبيرة بالمدينة وما حولها ، ولكنه قرر تحمل مسئولية السفر وكتب إقراراً بذلك على نفسه وواصل عمله فى نقل إصدارات مؤسسة الأهرام إلى مدينة السويس بصفة يومية عن طريق السيارات العسكرية وفى الثانى والعشرين من شهر أكتوبر 1973م أغلق الطريق نهائياً بين القاهرة والسويس خلال تواجد البطل عبد العزيز محمود داخل مدينة السويس ولكنه لم ينزعج لذلك لأنه قد أعد العدة فقبل سفره قال لزوجته وابنه محمود البالغ من العمر ثلاث سنوات : ( إذا تأخرت لا تقلقوا علىّ ) .. هذا بالإضافة لتسجيل أسماء بعض الجنود والفدائيين الأبطال فى ورقة احتفظ بها فى جيبه وعلى الفور سارع بالانضمام إلى أبطال المقاومة الشعبية وسأل أحد الجنود : فى حالة تقدم الدبابات الإسرائيلية من هذا الاتجاه كيف يمكن التصدى لها ؟ وشرح الجندى له كيفية عمل الكمين ثم قدم له قنبلتين يدويتين وبدأ كفاح البطل عبد العزيز محمود حيث استقل دراجة صغيرة وحمل القنابل وألقاها على القوات الإسرائيلية وأقام بمفرده الكمائن حيث كان يرتدى ملابس الإسرائيليين ويقوم بالضرب عليهم ، كما حرص على إخلاء الجرحى من الأبطال حتى يتم إسعافهم ، وخلال تواجده بمستشفى السويس يوم الرابع والعشرين من شهر أكتوبر عرف أن القوات الإسرائيلية سوف تتقدم فى اتجاه كوبرى الزراير لاحتلال مدينة السويس فأسرع إلى مخزن السلاح بالمستشفى وحصل على القنابل ، وعند الكوبرى أقام كميناً بمفرده وبمجرد ظهور طابور الدبابات الإسرائيلية قام بالاشتباك معها وتمكن من تدمير الدبابة التى فى المقدمة ففزعت بقية القوات وعادت الدبابات الأخرى للخلف فى محاولة للهروب وهنا قام البطل عبد العزيز محمود بربط نفسه بالمتفجرات ودخل وسط الدبابات فتم تفجيرها ونال الشهادة.
وبعد أن فتح الطريق مرة أخرى بين السويس والقاهرة سافر محمد فهمى للسؤال عن البطل ، ولكنه عاد بساعة يده وخاتم الزواج والبطاقة العائلية.
دفن جثمان البطل الشهيد عبد العزيز محمود بجوار كوبرى الزارير فى نفس المكان الذى نفذ آخر عملياته الفدائية به وبعد ذلك تم نقل جثمانه إلى مقابر الشهداء.
قدم التليفزيون المصرى بطولات البطل فى فيلم تلفزيونى بعنوان حكايات الغريب قصة جمال الغيطانى وإخراج أنعام محمد على وبطولة محمود الجندى ومحمد منير وحسين الإمام وشريف منير وهذا الفيلم من إنتاج قطاع الإنتاج بالتلفزيون المصرى.
قالت سلوى فهمى زوجة البطل الشهيد : زواجى من البطل عبد العزيز محمود كان تقليدياً واكتشفت أنه هادئ الطبع وقليل الأصدقاء ويحب عمله بشدة وعندما علمت بما فعله بالسويس كان صعب علىّ أن أصدق أن عبد العزيز الإنسان الهادئ ممكن أن يتحول فجأة إلى فدائى مخاطر ، ولكننى استوعبت ذلك لأن مصر عندما تنادينا نلبى جميعا النداء أينما كنا ومع مرور الوقت بدأت أقدر ما قام به زوجى وأفخر به وبما يقال عنه ، وعندما سافرت إلى السويس بدعوة من السيدة جيهان السادات بعد انتهاء الحرب لحضور الاحتفال بأسر الشهداء من الفدائيين والأبطال سمعت من الأهالى حكايات كثيرة عن مواقف وبطولات زوجى وعندما عدت إلى شقتى قمت بضم ابنى الوحيد محمود إلى صدرى وعندما كان يسألنى عن والده ؟ كنت أحبس دموعى وأدعى سفره وعندما بلغ سن العاشرة رويت له كل شئ وعرفته ببطولات والده وعندما أنتج التليفزيون المصرى فيلماً عن زوجى وهو فيلم حكايات الغريب أعجبنى عندما شاهدته ولكن هناك بعض الاختلاف بين ما ورد فى الفيلم وبين الواقع الحقيقى فلم يحدث أن فشل عبد العزيز فى الارتباط فقد تزوج منى وأنجب ابنه الوحيد محمود وأيضاً لم يحدث أن استشهد شقيقه ولم يحدث أننا فشلنا فى العثور عليه كما ورد فى الفيلم كما بالغ الفيلم فى حالة الحزن والعزلة التى كان يعيشها عبد العزيز وورد فى الفيلم أيضاً أنه كان يعمل فى الأخبار والحقيقة أنه كان يعمل بمؤسسة الأهرام
وقال محمود الأبن الوحيد للفدائى البطل الشهيد عبد العزيز محمود : العيد القومى للسويس هو احتفال بوالدى ففى الرابع والعشرين من شهر أكتوبر أذهب إلى السويس وأزور قبر والدى الكائن بمقابر الشهداء ثم أتقابل مع أصدقاء والدى بمدينة السويس وبرغم أننى حرمت من والدى وأنا فى سن صغيرة إلا أننى فخور بما فعله لمدينة السويس ولمصر وقد رعتنى والدتى فحصلت على دبلوم الصنايع وعندما تقدمت للعمل بمؤسسة الأهرام وافق الأستاذ إبراهيم نافع رئيس مجلس الإدارة على عملى بوظيفة ميكانيكى تقديرا وتكريما لوالدى.
في عام 1974 قال الرئيس السادات في السويس : ( إن مدينة السويس لم تدافع عن نفسها فقط لكنها كانت تعبر عن بطولة كل مدينة وكل قرية في أرض مصر وكانت تعرف أنها تحمل في عنقها اسم الشعب المصري كله من أجل هذا فإن دين كل مدينة وكل قرية في مصر نحو مدينة السويس دين لا ينسى ولابد من الوفاء به .. )
وسوم: العدد 744