دروس و عبر قرآنية: خلق العفو والتغافر
ما أروع التربية عند الأنبياء ، حق لهم ان يكونوا قدوة لنا ، فما أعظم خلق التغافر عندهم ، و قد وقفت في القرآن الكريم على لوحة رائعة من روائع الدروس في تغافر نبي الله يوسف عليه السلام مع إخوته ، فنبي الله يوسف الذي تعرض لبلاء عظيم و أذى عظيم من إخوانه ، فلم يجنح لعتاب ، و قد بد من إخوته ما تعرفون في السورة القرآنية التي خصها الله لنبيه ، إن نبي الله الصديق يوسف لم يشر لقصة العداوة و قصة الغيرة و محاولة القتل و لم يشر لقصة ابعاده عن أبيه ، لقد كان راقيا في أسلوب عرضه للقصة ، رقي الدعوة التي يحملها ، ، فكان أسلوب عرض تجمل بأروع الأريحيات ، فقد أوجزه القرآن الكريم بكلمات موحية معبرة في غاية الإيجاز و الإعجاز في قوله تعالى : {وَقَدْ أَحْسَنَ بَي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاء بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي} [يوسف:100]
و كم يحسن بي و بكم أن نقف عند دلالة الكلمات الموجودة بين قوسين {بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي} فنبي الله يوسف يبدأ لنفسه معرضا ثم بإخوته ، فأي أدب هذا ، و أي جمال خلق هذا ، إنه درس قيم في نبل الخلق ، ليتنا نتعلم منه خلق التغافر و العفو .
إن الدروس التي نتعلمها من روائع القصة حاجتنا إلى الصبر على الأذى ، و حاجتنا لكضم الغيض و كف الأذى ، و الترفع على الرد على الإساءة ، و التجمل بالحلم ، و المكافأة بالمعروف ، و الالتفات لما هو مهم ، فهذه هي أخلاق حملة الدعوة و أخلاق حملة الرسالة الهادية .
و يبقى ابداع الشعراء راقيا في الدعوة لفضائل قيم العفو و التغافر بأبيات رقيقة ذات دلالة ، تحملني تحملكم على الأخذ بجميل خلق العفو و التغافر ، و هي دعوة يوجهها شاعرنا لنا بأسلوبه المرح لتأسي بهذا الخلق الإسلامي و الانساني الراقي .
تعالوا بنا نطوى الحديث الذي جرى
ولا سمع الواشى بذاك ولا درى
تعالوا بنا حتى نعود إلى الرضا
وحتى كأن العهد لم يتغيرا
لقد طال شرح القال والقيل بيننا
وما طال ذاك الشرح إلا ليقصرا
من اليوم تاريخ المحبة بيننا
عفا الله عن ذاك العتاب الذي جرى
ما أحوجنا ان ندعو بقلب مخبث ندعو الله ليوحد رابطتنا و يجمع كلمتنا على الحق المبين
" اللهم إنك تعلم أن هذه القلوب قد اجتمعت على محبتك والتقت على طاعتك ، وتوحدت على دعوتك ، وتعاهدت على نصرة شريعتك فوثق الله رابطتها وأدم ودها واهدها سبلها ، واملأها بنورك الذي لا يخبو ، واشرح صدورها بفيض الإيمان بك ، وجميل التوكل عليك ، وأحيها بمعرفتك ، وأمتها على الشهادة في سبيلك ، إنك نعم المولى ونعم النصير ، اللهم آمين وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
وسوم: العدد 774