تأملات في القران الكريم ح419 ، سورة الحاقة الشريفة
للسورة الشريفة جملة من الفضائل والخصائص , لعل ابرزها ما جاء في كتاب ثواب الاعمال عن الصادق عليه السلام : من أكثر من قراءة الحاقة فإن قراءتها في الفرائض والنوافل من الايمان بالله ورسوله لأنها إنما نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام ومعاوية ولم يسلب قارئها دينه حتى يلقى الله عز وجل .
بسم الله الرحمن الرحيم
الْحَاقَّةُ{1}
تستهل السورة الشريفة ( الْحَاقَّةُ ) , يوم القيامة الذي يتحقق فيه الوعد والوعيد , او يحق فيها ما انكر من البعث والحساب , او سميت الحاقة لتحقق وقوعها , او لتحقق الامور فيها , او تعرف فيها الحقائق الى غير ذلك , على اختلاف الآراء .
مَا الْحَاقَّةُ{2}
تستمر الآية الكريمة ( مَا الْحَاقَّةُ ) , بمعنى أي شيء هي ! , تهويلا وتعظيما لأمرها .
وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ{3}
تستمر الآية الكريمة ( وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ ) , الخطاب للرسول الكريم محمد "ص واله" والمعنى للامة , أي شيء اعلمك بها , في مزيد من التعظيم والتهويل ليومها .
كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ{4}
تستمر الآية الكريمة ( كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ ) , لأنها تقرع القلوب , وصفت الحاقة بالقارعة لبيان مزيد شدتها .
فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ{5}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( فَأَمَّا ثَمُودُ ) , وهم قوم صالح "ع" , ( فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ ) , الصيحة او الرجفة البالغة الشدة .
وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ{6}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( وَأَمَّا عَادٌ ) , قوم هود "ع" , ( فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ ) , ذات صوت شديد , ( عَاتِيَةٍ ) , جاوزت الحد في شدتها , بينما يرى بعض المفسرين ان عاتية بمعنى باردة .
سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ{7}
تضيف الآية الكريمة ( سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ ) , سلطها عليهم بقدرته , ( سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً ) , متتاليات , متتابعات , يرى السيوطي في تفسيره الجلالين ان ذلك كان " أولها من صبح يوم الأربعاء لثمان بقين من شوال وكانت في عجز الشتاء" , ( فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى ) , موتى , ( كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ ) , اصول نخل , ( خَاوِيَةٍ ) , متأكلة , ساقطة .
فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ{8}
تستمر الآية الكريمة ( فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ ) , الخطاب للرسول الكريم محمد "ص واله" والمعنى للامة , أي لم يبق او ينجى منهم احد .
وَجَاء فِرْعَوْنُ وَمَن قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ{9}
تستمر الآية الكريمة ( وَجَاء فِرْعَوْنُ وَمَن قَبْلَهُ ) , ومن سبقه من الامم الكافرة , ( وَالْمُؤْتَفِكَاتُ ) , قرى قوم لوط "ع" , ( بِالْخَاطِئَةِ ) , بموجبات الخطأ .
فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَّابِيَةً{10}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ ) , فعصت كل امة منهم رسولهم , ( فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَّابِيَةً ) , زائدة في الشدة .
( عن الباقر عليه السلام والرابية التي رابت على ما صنعوا ) . "تفسير القمي" .
إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاء حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ{11}
تستمر الآية الكريمة ( إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاء ) , علا كل شيء , تجاوز الحدود المتعارفة , يعني الطوفان , ( حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ ) , حملنا اباءكم , اذ كنتم في اصلابهم , في سفينة نوح "ع" .
لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ{12}
تستمر الآية الكريمة ( لِنَجْعَلَهَا ) , لنجعل فعلة انجاء المؤمنين وهلاك الكافرين , ( لَكُمْ تَذْكِرَةً ) , عبرة وموعظة ودلالة على قدرته وحكمته وكمال قهره ورحمته جل وعلا , ( وَتَعِيَهَا ) , وتحفظها , ( أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ) , تحفظ ما تسمع , قادرة على تذكره واشاعته والتفكر فيه ثم العمل بموجبه .
فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ{13}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ ) , يختلف المفسرون في انها النفخة الاولى او الثانية .
وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً{14}
تضيف الآية الكريمة ( وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ ) , رفعتا من مكانهما , ( فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً ) , وقعت فدك بعضها بعضا , او كسرتا فدقتا دقة واحدة .
فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ{15}
تضيف الآية الكريمة ( فَيَوْمَئِذٍ ) , فحينئذ , ( وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ ) , قامت القيامة .
وَانشَقَّتِ السَّمَاء فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ{16}
تستمر الآية الكريمة ( وَانشَقَّتِ السَّمَاء ) , فطرت , ( فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ ) , مسترخية ضعيفة , قد فقدت توازنها وتماسكها وصلابتها .
وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ{17}
تستمر الآية الكريمة ( وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا ) , والملائكة على جوانبها , ( وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ ) , فوق الملائكة المذكورين , ( يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ) , يختلف المفسرون في حملة العرش الثمانية , فمنهم من يرى :
1- انهم ثمانية من الملائكة .
2- او انهم ثمانية من بني ادم .
3- او ان اربعة منهم من الملائكة , واربعة من بني ادم .
( عن النبي صلى الله عليه وآله إنهم اليوم أربعة فإذا كان يوم القيامة أيدهم بأربعة اخرى فيكونون ثمانية .
عن الصادق عليه السلام قال حملة العرش والعرش العلم ثمانية أربعة منا وأربعة ممن شاء الله .
وفي حديث آخر قال حملة العرش ثمانية أربعة من الاولين وأربعة من الاخرين فأما الاربعة من الاولين فنوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام وأما الاربعة من الاخرين فمحمد وعلي والحسن والحسين صلوات الله عليهم ومعنى يحملون العرش يعني العلم ) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .
يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ{18}
تضيف الآية الكريمة ( يَوْمَئِذٍ ) , ذلك الحين , ( تُعْرَضُونَ ) , يوم العرض وفي ساحة العرض للحساب , ( لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ ) , لا يخفى شيء من سرائركم .
وسوم: العدد 817