من سنن الكبار
عبد الله بن عباس رضي الله عنه حبر الأمة وترجمان القرآن وإمام الفقه والتفسير.
يا ترى هل عرف مواهبه العلمية فتخصص فيها وأبدع وحده، أو أعانه أحد على ذلك؟
روى الشيخان عن ابن عباس رضي الله عنه: "أن النبي ﷺ دخل الخلاء فوضعت له وضوءا، قال من وضع هذا؟ فأخبر، فقال: اللهم فقهه". وفي رواية البخاري: اللهم فقهه في الدين.
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: "ضمني النبي ﷺ إلى صدره وقال: اللهم علمه الحكمة" ـ وفي رواية وهيب: علمه الكتاب.
وفي زوائد المسند: عن ابن عباس رضي الله عنه: "أن رسول الله ﷺ وضع يده على كتفي أو على منكبي ـ شك سعيد ـ ثم قال: اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل".
فقد كان ابن عباس يأتي يبيت عند خالته ميمونة زوج النبي ﷺ ليراقب ويتعلم، ومن هنا عرف النبي ﷺ فطنته ونباهته وحرصه، فأصبح ابن عباس رأسا في الفقه والعلم باستعداده وببركة دعاء النبي ﷺ.
اعتقد جازما أن ابن عباس كان يدرك لماذا دعا له النبي ﷺ بالفقه والعلم وليس بكثرة المال والولد كما دعا لأنس رضي الله عنه مثلا.
من العمل الصالح وسنن المصطفى ﷺ أن يبادر أصحاب التجربة لنقل تجاربهم للصغار والشباب وحتى الأقران ممن لم يجربوا بعد، ومع إن معرفة التخصص تحتاج إلى رحلة اكتشاف ذاتية للمواهب الشخصية، لكنها تحتاج من الكبار أيضا إلى حضن يحتوي وطبطبة ترشد الحائرين إلى نقاط قوتهم ومواهبهم.
إن هذا الجيل بحاجة اليوم أكثر من أي جيل مضى للتوجيه والإرشاد، بسبب تعقد الحياة وكثرة الخيارات وتناقض التوجيهات، فكم ممن حولنا أضاعوا الأعمار في غير ما يحسنون ويبدعون.
إن كلمة واحدة حكيمة ترشد بها حائرا يرجو المشورة الصادقة لمكان إبداعاه ومواهبه وقدراته، قد تجعل منه إنسانا ناجحا ومؤثرا ومصلحا في دنيا كثر فيها الفساد، ولك الأجر من الله تعالى كما له في كل عمل صالح يؤديه في عمارة الأرض وإصلاح الحياة.
وسوم: العدد 822