ليلتنا هذه ... لنجعلها محطة للتغافر
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
يطّلع الله في ليلة النصف من شعبان، فيغفر لجميع خلقه، إلآ لمشرك ومشاحن..
وللحديث شواهد متعددة، وروايات من أكثر من وجه، وهو مروي عن أكثر من صحابي، وطرقه يقوي بعضها بعضا..
وأما الشرك بالله فأسأل الله أنه قد أعاذنا وعافانا منه ظاهرِه وخفيه. ونحن نشهدا أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله. ونقرأ سورة الإخلاص (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ) ونقرأ ونقر أنه ربنا (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) تعالى عن المثل والند والشريك والصاحبة والولد .
وأما الشحناء، فتلك التي تثقل الظهور، و تنكت النكتة السوداء في القلوب، وهي الحالقة التي تحلق الدين لا الشعر.
ومن عالم الشحناء قد تكون النظرة المتعالية المزدرية لخلق الله، فحامل علم يزدري جاهلا، وصاحب مال يزدري فقيرا بفقره، وصاحب مكانة يزدري من دونه.. .. (وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا)
الشحناء قد تكون نظرة كبر وازدراء، وقد تكون شعور ضغينة وحسد، وقد تكون كلمات عابرات مرة في همز ولمز ،ومرة في غيبة وبهت، يسأله هل علمت أن فلانا.. وهل سمعت عن فلان..
و لو تتبعنا صور الشحناء في حياتنا اليومية، وفي فضاءاتنا النفسية والقلبية لعلمنا أنها من المهلكات التي نستسهل، ومن الخطايا التي لا نبالي، ونظنها أدق من الشعر وهي في ميزان الله جبال إثم وخطيئة.
قامت دعوة الإسلام، وشريعة الإسلام، على بناء الفرد ثم بناء المجتمع، مجتمع البنيان المرصوص، المبني على المحبة والنصح والتواد والتعاون وحسن ظن الناس بأنفسهم، وقولنا بأنفسهم أي بعضهم ببعضهم. ودعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نكون في كل يوم مثل أبي ضمضم "كان إذا أصبح قال اللهم إني تصدقت بعرضي على عبادك"
فيكون كل صباح عنده محطة للتغافر، والمودة ...
وفي ليلة النصف من شعبان الليلة المباركة التي يحفها النور والجلال، والتي تتابعت في فضلها ومكانتها الأحاديث والآثار ...
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : إن الله يطلع ليلة النصف من شعبان- إطلاعا يليق بجلاله وأسمائه وصفاته- فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك ومشاحن ..
وندعو الله إنك عفو كريم تحب العفو فاعفُ عنا، وكما نحب العفو ونتظره منه، فإنه يحب العفو وينتظره منا.
اللهم في هذه الليلة المباركة اغسل قلبي من غل ومن شحناء وأشهدك أنني لا أحمل في قلبي غلا ولا ضغينة ولا شحناء لأحد من خلقك وأنت أعلم بهم، وأقدر على جزائهم.
اللهم ارحمنا يا رحمن. اغفر لنا يا غفار. تب علينا يا تواب.
واملأ قلوبنا بحبك وحب من يحبك...
تغافروا عباد الله فإنه من ليلة للتغافر..
اللهم ظهر اللاجين، وجار المستجيرين، وأمان الخائفين...برحمتك نستغيث.
وسوم: العدد 973