فاستعِنْ بالله
الإنسان عرضة للعديد من النوازل والمصاعب ، وليس له أن ينأى عمَّـا قدَّرَ الله عليه في حياته الدنيوية . وحسب الإنسان المؤمن بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا وهاديا ومبشرا ونذيرا ... أقول حسب هذا الإنسان المؤمن ماجاء في كتاب الله الذي أُنزل على نبيِّه صلى الله عليه وسلم من الهُدَى حين تلم به النازلات ، وتعصف بحياته نوائب الدهر ، وكذلك حسبُه ماورد من السُّنَّة الكريمة . والذي يقرأ أبواب الأحاديث الشريفة يجدْها شاملة لكل نواحي الحياة ، ولكل ما يعرو الإنسان من خير أو شر ، حيث تشرق في وجهه أنوار الآيات القرآنية التي تجلب له الطمأنينة ، والاستقرار النفسي ، بل وتقربه إلى الله حيث يناجيه ... يناديه ... يستغيث به ، والله سبحانه قريب مجيب . يقول الله تبارك وتعالى : ( وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ) . نفحة ربانية يستظل بها المؤمن من عاديات الزمان ، ومداهمات الدهر . ويقول عزَّ وجلَّ : ( لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا ) ، فعلام القلق وعلام الخوف والمؤمن يعلم علم اليقين أن كل مايجري في هذه الحياة إنما هـو بأمر الله وتقديره وحكمته سبحانه وتعالى ، ولعل المؤمن يراجع نفسه ، أو يحاسبها على تقصير جرى ، أو على إثم عــرا ، أو هِزَّةِ شوق إلى التقرب إلى الله ، وهنا يأتي المؤمن بالأعمال الصالحات وما أكثرها ــ ولله الحمد ــ ففي إماطة الأذى عن الطريق حسنة ، وفي مسح رأس اليتيم صدقة ، وفي النهي عن منكر مــا حسنة ، وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صدقة ، وفي أداء الفرائض والسنن حسنة ، وفي قيام الليل حسنة، وإن شاكت المؤمن شوكة فصبر ففيها حسنة . ولا تُحصَى الأعمال الصالحات الباقيات ، وهذه العبادات تنقل المؤمن إلى بيئة المتقين الأبرار ، وأولئك لهم الفضل والأجر والفرج والمخرج من كل ضيق ، يقول عـزَّ وجلَّ : ( وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا(. .
وعند نزول الشدائد على المؤمن يقل المواسون ، ويتأخر الأصدقاء ، وتتلاشى قوة مَن لديه الإمكانيات ، لسبب أو لآخر . ولكن المؤمن مازال ثابتا صابرا ، ل،ه يعلم أن الله وحده سبحانه وتعالى هو القادر على إزالة المكاره ، وكشف حدة السوء ، فترى أهل البلاء من المؤمنين في حالة من السعادة التي يعجب منها أهل الغفلة من الناس ، يقول تبارك وتعالى : ( أمَّن يُجيبُ المُضطرَّ إذا دعاه ويكشِفُ السوءَ ؟! ) . إنه الله ، إنه الله وحده :
( وكم أمر تُساءُ به صباحًـا ... وتأتيك المسرةُ في العشيِّ )
ولاشك فيما قال ربُّنا جلَّ وعلا مخاطبا أهل التقوى : (ومن يتقِ الله يجعل له مخرجًـا ) . ومخاطبا أهل التوكل من عباده الصَّالحين بأنه يكفيهم ما أهمهم من أمور دنياهم : (ومن يتوكل على الله فهو حسبه إنَّ الله بَالِغُ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا) . وللمؤمن برسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة ، فلقد لاقى من الكفار الكثير الكثير من الأذى ، بأقوالهم وأفعالهم وتصرفاتهم ، فأنزل الله عليه صلى الله عليه وسلم : ( وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ ) 97/٩٨ الحجر . إنه دعوة البارئ لحبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم ، يدعوه فيها إلى العبادة من صلاة وتسبيح وغير ذلك من عبادات ، وكانت النتائج كما يعلمها جميع الخلق ، أن العاقية كانت له صلى الله عليه وسلم ، وكان له الفتح ، ودان لدعوته الربانية سكانُ المعمورة أجمعين . فبالإيمان والصبر ، وملازمة ذكر الله تعالى ، وحسن التوكل عليه ، وقيام المؤمن بواجباته التعبدية ، فتلك من الباقيات الصالحات التي تعود بالخير الوفير عليه في الدنيا والآخرة ، يقول الله سبحانه : ( وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً ) 46/ الكهف . فبشرى للمؤمنين والمؤمنات والصَّابرين والصَّابرات في هذه الحياة الدنيا ، ويوم يقوم الأشهاد .
وسوم: العدد 998