اللهم بارك لنا في شامنا
الحمد لله وسبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر، ثم اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، قال الله تعالى "وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ"-الأنعام35-، ثم عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَأْمِنَا، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي يَمَنِنَا» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَفِي نَجْدِنَا؟ قَالَ: «اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَأْمِنَا، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي يَمَنِنَا» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَفِي نَجْدِنَا؟ فَأَظُنُّهُ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ: «هُنَاكَ الزَّلاَزِلُ وَالفِتَنُ، وَبِهَا يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ» صحيح البخاري، ثم حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «إِنَّهَا تَكُونُ هِجْرَةٌ بَعْدَ هِجْرَةٍ، فَخِيَارُ أَهْلِ الْأَرْضِ أَلْزَمُهُمْ إِلَى مُهَاجَرِ إِبْرَاهِيمَ، وَيَبْقَى فِي الْأَرْضِ شِرَارُ أَهْلِهَا تَلْفِظُهُمْ أَرْضُوهُمْ، وَتُقَذِّرُهُمْ نَفْسُ اللَّهِ فَتَحْشُرُهُمُ النَّارُ مَعَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ» المستدرك على الصحيحين، وبعد:- فكأن طريق السفر من مكة المكرمة إلى الشام الغالب عليه السير في الوديان وهو أقرب إلى نفق في الأرض وشامة الشام وسرتهم هي دمشق والأية التي تكون فيها هي نزول عيسى بن مريم عليه السلام فيها للحديث التالي: عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ الْكِلَابِيِّ، قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّجَّالَ، فَقَالَ: «إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ، وَإِنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ، فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ، وَاللَّهُ خَلِيفَتِي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، فَمَنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ فَلْيَقْرَأْ عَلَيْهِ فَوَاتِحَ سُورَةِ الْكَهْفِ، فَإِنَّهَا جِوَارُكُمْ مِنْ فِتْنَتِهِ»، قُلْنَا: وَمَا لَبْثُهُ فِي الْأَرْضِ؟ قَالَ: "أَرْبَعُونَ يَوْمًا: يَوْمٌ كَسَنَةٍ، وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ، وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ، وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ"، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي كَسَنَةٍ، أَتَكْفِينَا فِيهِ صَلَاةُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ؟ قَالَ: «لَا، اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ، ثُمَّ يَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ، فَيُدْرِكُهُ عِنْدَ بَابِ لُدٍّ، فَيَقْتُلُهُ» سنن أبي داود، وكأن طريق السفر من مكة إلى صنعاء الغالب عليه السير في الجبال وهو أقرب إلى سلم في السماء والآية التي في اليمن وصنعاء منها هي الحكمة والفقه ورقة القلوب بالإيمان اللآئي يكرم الله عز وجل بهن أهل اليمن للحديث التالي: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «جَاءَ أَهْلُ الْيَمَنِ، هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً، الْإِيمَانُ يَمَانٍ، وَالْفِقْهُ يَمَانٍ، وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ» صحيح البخاري، فما بين مكة واليمن ذهابا أو إيابا مسيرة شهر، وكذلك ما بين مكة والشام ذهابا أو إيابا مسيرة شهر للحديثين التاليين: عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ ذُكِرَ عِنْدَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ الْحَوْضُ - فَأَنْكَرَهُ، وَقَالَ: مَا الْحَوْضُ؟، فَبَلَغَ ذَلِكَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، فَقَالَ: لَا جَرَمَ وَاللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ. فَأَتَاهُ فَقَالَ: ذَكَرْتُمُ الْحَوْضَ؟ فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُهُ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، أَكْثَرَ مِنْ كَذَا وَكَذَا مَرَّةً" يَقُولُ: «إِنَّ مَا بَيْنَ طَرَفَيْهِ كَمَا بَيْنَ أَيْلَةَ إِلَى مَكَّةَ، - أَوْ ما بَيْنَ صَنْعَاءَ وَمَكَّةَ -، وَإِنَّ آنِيَتَهُ أَكْثَرُ مِنْ نُجُومِ السَّمَاءِ» مسند أحمد، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حَوْضِي مَسِيرَةُ شَهْرٍ، وَزَوَايَاهُ سَوَاءٌ، وَمَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنَ الْوَرِقِ، وَرِيحُهُ أَطْيَبُ مِنَ الْمِسْكِ، وَكِيزَانُهُ كَنُجُومِ السَّمَاءِ، فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَا يَظْمَأُ بَعْدَهُ أَبَدًا» صحيح مسلم، وعدد حروف قول الله تعالى "تبتغي نفقا في الارض او سلما في السما"(الأتعام:35) هو تسعة وعشرون حرفا وهذا العدد هو أقل عدد أيام الشهر، فسبحان الله رب العرش الكريم، وكأن شرح الحديث "إِنَّهَا تَكُونُ هِجْرَةٌ بَعْدَ هِجْرَةٍ، فَخِيَارُ أَهْلِ الْأَرْضِ أَلْزَمُهُمْ إِلَى مُهَاجَرِ إِبْرَاهِيمَ" هو أنه كلما طغت وبغت جبابرة مضر وظنت أن كنوز الأرض التي يفتحها الله عز وجل للناس في أرضها هي ملك لهم وحدهم فتمنع لذلك حق الله وهو الزكاة ضربها الله بملائكته وبالمؤمنين حتى تكون آخر ضربة عليهم هي النار التي تحشر الناس من المشرق إلى المغرب للأحاديث التالية: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ نَارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنَ المَشْرِقِ إِلَى المَغْرِبِ» صحيح البخاري، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ قَالَ: انْطَلَقْتُ أَنَا وَعَمْرُو بْنُ صُلَيْعٍ حَتَّى أَتَيْنَا حُذَيْفَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ هَذَا الْحَيَّ مِنْ مُضَرَ لَا تَدَعُ لِلَّهِ فِي الْأَرْضِ عَبْدًا صَالِحًا إِلَّا افْتَتَنَتْهُ وَأَهْلَكَتْهُ، حَتَّى يُدْرِكَهَا اللَّهُ بِجُنُودٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُذِلَّهَا حَتَّى لَا تَمْنَعَ ذَنَبَ تَلْعَةٍ» مسند أحمد، والمشرق في الحديث الأول هو نجد وهي مواطن ذلك الحي من مضر، والمغرب في الحديث الأول هو مهاجر إبراهيم عليه السلام وهي بلاد الشام، وكأن شرح "هِجْرَةٌ بَعْدَ هِجْرَةٍ" هو أنه كلما فتنت جبابرة مضر أحدا من المؤمنين فر غيره من المؤمنين إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم لله تعالى وترك الأعمال التي فيها خضوع للجبارين للحديث التالي: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «الْعَمَلُ فِي الْهَرْجِ وَالْفِتْنَةِ كَالْهِجْرَةِ إِلَيَّ» المعجم الكبير للطبراني، والحديث: عَنِ الْمُعَلَّى بْنِ زِيَادٍ، رَدَّهُ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، رَدَّهُ إِلَى مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، رَدَّهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ» صحيح مسلم، وكأن شرح الحديث "فَخِيَارُ أَهْلِ الْأَرْضِ أَلْزَمُهُمْ إِلَى مُهَاجَرِ إِبْرَاهِيمَ" هو أن علامة إيمان الفارين إلى الله تعالى من فتنة وقتل جبابرة مضر للمؤمنين إلى مسجد رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم هي أنهم لا يغادرون بلاد الشام بعد أن يصلوا إليها إلا بعد تمام رباطهم فيها ثم لا يخرجون بعدها إلا استعدادا لقتال الروم للأحاديث التالية: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمْ: «تَمَامُ الرِّبَاطِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَمَنْ رَابَطَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا لَمْ يَبِعْ وَلَمْ يَشْتَرِ، وَلَمْ يُحْدِثْ حَدَثًا خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» المعجم الكبير للطبراني، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «سَمِعْتُمْ بِمَدِينَةٍ جَانِبٌ مِنْهَا فِي الْبَرِّ وَجَانِبٌ مِنْهَا فِي الْبَحْرِ؟» قَالُوا: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَغْزُوَهَا سَبْعُونَ أَلْفًا مِنْ بَنِي إِسْحَاقَ، فَإِذَا جَاءُوهَا نَزَلُوا، فَلَمْ يُقَاتِلُوا بِسِلَاحٍ وَلَمْ يَرْمُوا بِسَهْمٍ، قَالُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، فَيَسْقُطُ أَحَدُ جَانِبَيْهَا - قَالَ ثَوْرٌ: لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَالَ - الَّذِي فِي الْبَحْرِ، ثُمَّ يَقُولُوا الثَّانِيَةَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، فَيَسْقُطُ جَانِبُهَا الْآخَرُ، ثُمَّ يَقُولُوا الثَّالِثَةَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، فَيُفَرَّجُ لَهُمْ، فَيَدْخُلُوهَا فَيَغْنَمُوا، فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ الْمَغَانِمَ، إِذْ جَاءَهُمُ الصَّرِيخُ، فَقَالَ: إِنَّ الدَّجَّالَ قَدْ خَرَجَ، فَيَتْرُكُونَ كُلَّ شَيْءٍ وَيَرْجِعُونَ" صحيح مسلم، والله أعلم، وكأن شرح الحديث "وَيَبْقَى فِي الْأَرْضِ شِرَارُ أَهْلِهَا تَلْفِظُهُمْ أَرْضُوهُمْ" هو أنه لن يبقى في نجد ممن يستخرجون لجبابرة مضر بإذن الله كنوز الأرض إلا شرار الناس وهم الروم وشرار أهل مضر وموالي الروم، فلا تقبل أصول قبائل مضر أن تجيرهم من النار لطغيانهم في الأرض، للأحاديث االتالية: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَقِيءُ الْأَرْضُ أَفْلَاذَ كَبِدِهَا، أَمْثَالَ الْأُسْطُوَانِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، فَيَجِيءُ الْقَاتِلُ فَيَقُولُ: فِي هَذَا قَتَلْتُ، وَيَجِيءُ الْقَاطِعُ فَيَقُولُ: فِي هَذَا قَطَعْتُ رَحِمِي، وَيَجِيءُ السَّارِقُ فَيَقُولُ: فِي هَذَا قُطِعَتْ يَدِي، ثُمَّ يَدَعُونَهُ فَلَا يَأْخُذُونَ مِنْهُ شَيْئًا" صحيح مسلم، وعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِطْعَةٍ مِنْ ذَهَبٍ، وَكَانَتْ أَوَّلَ صَدَقَةٍ جَاءَتْهُ مِنْ مَعْدِنٍ فَقَالَ: «مَا هَذِهِ؟» قَالُوا: صَدَقَةٌ مِنْ مَعْدِنٍ لَنَا فَقَالَ: «إِنَّهَا سَتَكُونُ مَعَادِنُ، وَسَيَكُونُ فِيهَا شِرَارُ خَلْقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» المعجم الأوسط للطبراني، وكأن شرح الحديث "وَتُقَذِّرُهُمْ نَفْسُ اللَّهِ فَتَحْشُرُهُمُ النَّارُ مَعَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ" هو أن الروم ومواليهم وشرار أهل مضر الفارين من أول علامات الساعة الكبرى وهي النار التي تخرج من قعرة عدن، فلا تأتي الريح وهي نفس الرحمن لتدفع النار بعيدا عنهم فيفروا إلى اليمن، فلا يجدون فرارا إلا إلى بلاد الشام حيث كنز الفرات بعد أن تبرأ منهم أصول مضر، فتبيت معهم النار إذا باتوا وتقيل معهم إذا قالوا وتهلك منهم من تخلف، ولا يقبلهم أحد في بلاد الشام ليكونوا في ذمتهم حتى تخمد النار، فيمكثوا في حظائر خنازير وحدائق قردة أهل الذمة خارج حصونهم حتى ينفوا إلى بلاد الكفر التي تحت سلطان ملك الروم كما فعل بمثلهم من قبل، فبذلك ينتهي قرن الشيطان، والله أعلم. فاللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا، واللهم ربنا بارك لنا في شامنا. والحمد لله رب العالمين.
وسوم: العدد 1073