سيّدنا الصّديق من إرهاصات النّبوّة
مقدمّة المحبّ لسيّدنا الصّدّيق:
القارئ لكتب السّيرة النبوية يجد أنّ أسيادنا علماء السّيرة رضوان الله عليهم جميعا أفردوا عنوان "إرهاصات النّبوّة" التي سبقت بعثة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، والدّالة على نبوته صلى الله عليه وسلّم.
الأسباب التي دفعت المحبّ ليجعل سيّدنا الصّدّيق من إرهاصات النّبوّة:
لم يتحدّث أسيادنا علماء السّيرة النّبوية عن أنّ سيّدنا الصّدّيق رحمة الله، ورضوان الله عليه من أنّه من إرهاصات النّبوّة. وأعتبر أنّ سيّدنا الصّدّيق من إرهاصات النّبوّة للأسباب التّالية:
لم يشرب سيّدنا الصّدّيق الخمر أثناء فترة الجاهلية، ولم يسجد لصنم، ولم يئد بنتا.
فتّشت قريش في ماضي سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، ولم تجد ماتعيّره به. بل شهدت بأنّه الصّادق الأمين، ومن أفضلهم نسبا، ولم نعرف عنه كذبا.
تخيّل معي لو أنّ سيّدنا الصّدّيق كان يأتي بما أتت به قريش من منكرات، وسوء أخلاق. لقالوا لسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم: كيف تنهانا عن شرب الخمر، وعبادة الأوثان -مثلا- وصاحبك الصّدّيق كان يأتي بهذه الموبقات، وكنت تعلم بها ولم تنهه طيلة حياتكما الطويلة السّعيدة معا؟. مايدل أنّ سيّدنا الصّدّيق لم يشرب الخمر، ولم يسجد لصنم، ولم يئد بنتا. ولذلك اختاره سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، صديقا له طوال حياته لهذا السّبب.
من صدق نبوّة سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، والإرهاصات الدّالة عليه أن يكون صديقه مثله في الصّدق، والأمانة، والطّهر، والوفاء. ولم يعرف عن قريش أنّها عيّرت سيّدنا الصّدّيق بما يسئ لصحبته، وصداقته مع سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم.
سيّدنا الصّدّيق كان يشتري العبيد ويعتقهم وهم الفقراء، والمساكين، ولا ظهر لهم. وكان يدفع فيهم أضعاف سعرهم الحقيقي بكثير. ولم يكن ينتظر منهم جزاء، ولا شكورا.
بعض فضائل سيّدنا الصّدّيق:
امتاز سيّدنا الصّدّيق بفضيلتين تبدوان للوهلة الأولى أنّهما متناقضتين. لكنّهما متكاملتين، وهما: رقّة مفرطة حتّى أنّ ابنته سيّدتنا الطّاهرة النّقية البكر الصديقة بنت الصّدّيق أمّنا عائشة، رحمة الله ورضوان الله عليها طلبت من زوجها سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، أن لايمنحه إمامة المسلمين في حياته صلى الله عليه وسلّم، لأنّه رقيق شديد البكاء، واقترحت عليه أن يستبدله بغيره. فرفض سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم بقوّة، وأصرّ على أن يظلّ صاحب العمر سيّدنا الصّدّيق إماما للمسلمين في حياته صلى الله عليه وسلّم. ولم تكن هذه المزيّة لغيره.
وفي الوقت نفسه كان شديدا قويا لايتراجع عن قرار صائب اتّخذ، ومنها: رفضه المطلق تنحية سيّدنا أسامة بن زيد، رحمة الله ورضوان الله عليه من قيادة الجيش الذي أقرّه سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، قبل أن يلتحق بالرّفيق الأعلى. ورفضه المطلق وقف الحرب التي شنّها المرتدون مانعوا الزّكاة.
صاحب الإرهاصات ليس معصوم:
مايجب ذكره في هذا المقام أنّ سيّدنا الصّدّيق وإن كان من إرهاصات النّبوّة الدّالة على صدق سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، إلاّ أنّه ليس المعصوم. لأنّ العصمة لسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وحده دون غيره من أصحابه، وزوجاته، وأبنائه، وأحفاده، وقادته، وخلفائه، وأعمامه، وبنو عمّه، وكتبة الوحي، والمؤذنين ودون استثناء، وبشكل قاطع، ومطلق، وإلى الأبد.
وسوم: العدد 1081