الداعية د. أنس عطية الفقي: نفحات الله في رمضان لا يتعرض لها إلا المخلصون

أكد الداعية د. أنس عطية الفقي، عميد متطلبات الجامعة بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا ومدير مركز توثيق التراث بها، أن الأيام التي تظلل أمة الإسلام اليوم إنما هي نفحة من نفحات الله علينا تقبلها وأن نري الله منا فيها صالح الأعمال.

وقال في درسه بمسجد الشاذلية بمدينة الإسماعيلية ليلة الثالث والعشرين من رمضان إنه لا أحد منا يضمن أن يعيش إلى رمضان المقبل فلنغتنم نعمة رمضان الحاضر، فرمضان ما هو إلا اختيار الله لأمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله يحب العبد الذي يذوب اختياره في اختيار مولاه.

وأشار د. أنس الفقي إلى أن أيام الله كلها لابد أن يقوم فيها العبد بتأدية ما افترضه عليه مولاه، ومن هذه الأيام أيام يخصها الله بمضاعفة الأجر على الطاعات، ومنها شهر رمضان وفي القلب منه ليلة القدر.

ولماذا لم يفرض الله قيام ليلة القدر؟ لأنه يريد أن تقبل على مولاك بالحب، وهكذا كان سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر الأواخر من رمضان أحيا الليل وأيقظ أهله وشد المئزر.

وأوضح د. أنس أن العمل الصالح هو العمل الخالص لله المقتفي طريق رسول الله، ولذلك جاء في الحديث القدسي "وما تقرب إلي عبد بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه.."، ويشرح سيدي ابن عطاء الله ذلك فيقول: إقبالك على نوافل الخيرات وإهمالك في فرائض الرحمن دليل على الاغترار.

وقول رسول الله صلى الله عليه وسل "لو علمت أمتي ما في رمضان لتمنت أن تكون السنة كلها رمضان"، دليل على أن شهر رمضان هو اختيار الله لنا، وأن المحروم هو المحروم من نفحات الله في هذا الشهر الكريم.

ألا فلنتحقق بقول سيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن لله في أيام دهركم لنفحات ألا فتعرضوا لها".

سئل أحد الصالحين: ما علامة القبول؟ قال: مزيد من الإقبال. وجاء في تفسير قوله تعالى : "وللآخرة خير لك من الأولى"، اللحظة الآخرة خير لك من اللحظة السابقة، وأن جملة (ما ودعك ربك) التي تشعر بالأمان، وجملة (وما قلى) التي تشعر بالحب، هذا الحب الإلهي هو خير لك يا محمد. وأن الدار الآخرة خير لك من الدار الأولى (الدنيا).

وقال أحد الصالحين إنه بقدر اتباعك لرسول الله صلى الله عليه وسلم بقدر ما يظهر فيك من نوره بقدر ما سيتبعك كل من في قلبه ذرة من الهداية.

وينبغي على المسلم مراقبة مولاه وأن يتهم نفسه باستمرار وقد كان أحد الصالحين يقول في دعائه: اللهم بصرني بمكر نفسي.

وفرق الإمام الغزالي بين الجهاد الأصغر والجهاد الأكبر فقال: جهاد العدو جهاد مؤقت، وجهاد النفس والشيطان جهاد مستمر دائم في كل لحظة.

جهاد العدو تنال فيه النصر والأجر إن انتصرت عليه وإن غلبك وقتلك وأنت مخلص تنال الشهادة، وإذا انتصرت على النفس والشيطان نلت الأجر أما إذا خذلت والعياذ بالله فقد ضعت وضللت وخبت وخسرت.

ويضيف الإمام الغزالي: وإذا تمكنت الشهوة من النفس فلا يخرجها من القلب إلا شوق مقلق (حب لله)، أو خوف مزعج (خوف من الله).

ومن خصوصية الصيام أنه العبادة الوحيدة التي لا حظ للنفس فيها ولهذا قال الله في الحديث القدسي "الصوم لي وأنا أجزي به". ويقول أحد الصالحين: أقرب الأعمال إلى الله أثقلها على نفسك.

ويقول آخر: لا تكن كحمار الرحا، المكان الذي رحلت منه هو المكان الذي ارتحلت إليه ولكن ارحل من الكون إلى مكون الكون.

وفي ختام درسه أنشد د. أنس عطية الفقي يقول:

قد كنت أحسب أن وصلك يشترى بكرائم الأموال والأرباح

وظننت جهلاً أن حبك هين تفنى عليه نفائس الأرواح

حتى رأيتك تجتبي وتخص من أحببته بلطائف الأمناح

فعلمت أنك لا تنال بحيلة وطويت رأسي تحت طي جناحي

وجعلت في عش الغرام إقامتي فيه غدوي في الهوى ورواحي.  

وسوم: العدد 624