كيف نهاجر إلى الله؟
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه.
فالهجرة أجرها عظيم لمن هاجر في سبيل الله وابتغاء مرضاته ، وهى لم تنقطع فلا زالت الهجرة بملامحها ودروسها وأنواعها مستمرة إلى قيام الساعة،ولكن كيف نهاجر على الله رب العالمين في هذا الزمان لندرك أجر الهجرة الكبير؟
أولا: فضل وأجر الهجرة والمهاجرون؟
1- الله –تبارك وتعالى -رضى عن المهاجرين:
وهم الذين هاجروا فى سبيل الله وتركوا الديار والبلاد والمال والأهل من أجل الله ،قال تعالى:{ وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة : 100]
2- الهجرة تهدم ما قبلها :
الهجرة تهدم ما قبلها من سيئات ومعاصي وذنوب ،فعن عمرو بن العاص –رضى الله عنه- عن النبي –صلى الله عليه وسلم –قال:"أما علمت أن الإسلام يهدم ما قبله ،وأن الهجرة تهدم ما قبلها ،وأن الحج يهدم ما قبله " أخرجه :مسلم ،وابن خزيمة.
3- حاز الخير كله:
كما قال تعالى:{ وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللّهِ وَكَانَ اللّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} [النساء : 100]
وعن فضالة بن عبيد–رضى الله عنه- عن النبي –صلى الله عليه وسلم –قال:"الإسلام بيت واسع فمن دخله وسعه ،والهجرة بيت واسع فمن دخله وسعه ،ومن دعي إلى الإسلام فأسلم ودعي إلى الهجرة فهاجر لم يدع للخير مطلبا ولا للشر مهربا" أخرجه :الطبراني
وعن مجاشع بن مسعود –رضى الله عنه- عن النبي –صلى الله عليه وسلم –قال:" ذهب أهل الهجرة بما فيها أبايعه على الإسلام والجهاد ،" أخرجه : البخاري والطبراني والحاكم.
4- ليس لها مثيل:
وهكذا كان يوصى النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه ،فعن أبى فاطمة –رضى الله عنه- عن النبي –صلى الله عليه وسلم –قال:"عليك بالهجرة فإنه لا مثيل لها" أخرجه : النسائي والطبراني.
5- تاب الله عليهم:
تاب الله على المهاجرين في سبيله ،كما قال سبحانه:{ لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }[التوبة : 117]
6- الله شهد للمهاجر بالصدق:
فهم أهل الصدق والوفاء، كما قال سبحانه:{ للْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ }[الحشر : 8]
ثانيا:كيف نهاجر إلى الله؟
هل حاز المهاجرون مع النبي –صلى الله عليه وسلم –أجر الهجرة كله ؟أم لا زالت لدينا أعمال نفعلها لندرك هذا الركب الصالح؟
الحقيقة أن بركة الله - عزوجل - علينا أن جعل لنا من الأعمال ما نستطيع أن نسير خلف هذا الركب من المهاجرين الأولين ،ونحشر معهم بإذن الله في الجنة ،من ذلك :
1- التوبة:
أن نتوب إلى الله –عزوجل - من كل الذنوب والخطايا والأثام،صغيرها وكبيرها، فعن معاوية –رضى الله عنه- عن النبي –صلى الله عليه وسلم –قال:"لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ،ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها ". أخرجه : أحمد وأبوداود والطبرانى والبيهقى.
وعن عبدالرحمن بن عوف –رضى الله عنه- عن النبى –صلى الله عليه وسلم –قال:"الهجرة هجرتان إحداهما أن تهجر السيئات والأخرى أن يهاجر إلى الله ورسوله ...".أخرجه : الطبرانى وأحمد، وقال الهيثمى: رجاله ثقات.
2- النية:
فبالنية يحصل الإنسان على الهجرة إذا نوى أن يكون من المهاجرين بصدق وإخلاص،فعن عائشة –رضى الله عنها- عن النبى –صلى الله عليه وسلم –قال:"لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية واذا استنفرتم فانفروا" أخرجه:الشيخان.
3- الجهاد:
بجميع أنواعه بالنفس وبالمال والقلم ...،فعن أبى قرصافة –رضى الله عنه- عن النبى –صلى الله عليه وسلم –قال:"أيها الناس هاجروا وتمسكوا بالإسلام فإن الهجرة لا تنقطع مادام الجهاد". أخرجه :الطبرانى ،وقال الهيثمى: رجاله ثقات.
وعن أبى قلابه –رضى الله عنه- عن رجل من أهل الشام ،عن أبيه –رضى الله عنه- عن النبى –صلى الله عليه وسلم –قال:"أسلم تسلم ،قيل :وما الإسلام ؟ قال :تسلم قلبك لله ويسلم المسلمون من لسانك ويدك ،قال :فأى الإسلام أفضل : قال :الإيمان ،قال :تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وبالبعث بعد الموت ،قال:فأى الإيمان أفضل ؟ قال:الهجرة ،قال :وما الهجرة ؟قال :أن تهجر السوء ،قال : فأى الهجرة أفضل ؟قال: الجهاد ،قال :وما الجهاد :قال:أن تقاتل الكفار إذا لقيتهم ولا تغل ولا تجبن ،ثم عملان هما من أفضل الأعمال إلا من عمل عملا بمثلهما حجة مبرورة أو عمرة مبرورة" أخرجه :البيهقى ،وبن حميد.
4- حفظ اللسان:
عن ابن عمر –رضى الله عنهما- عن النبي –صلى الله عليه وسلم –قال:"أشرف الإيمان أن تأمنك الناس ،وأشرف الإسلام أن تسلم الناس من لسانك ويدك ،وأشرف الهجرة أن تهجر السباب ،وأشرف الجهاد أن تقتل ويعقر فرسك "أخرجه:الطبرانى فى الصغير.
5- هجر المعاصي:
بأن نهجر السيئات والذنوب والخطايا والآثام كبيرها وصغيرها،فعن ابن عمر –رضى الله عنه- عن النبي –صلى الله عليه وسلم –قال:"المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه". أخرجه:البخارى وأبو داود
وعن أم أنس (وليست أم أنس بن مالك ) –رضى الله عنها- عن النبى –صلى الله عليه وسلم –قال:" أقيمى الصلاة فإنها أفضل الجهاد ،واهجرى المعاصى فإنها أفضل الهجرة ،واذكرى الله كثيرا فإنه أحب الأعمال إلى الله أن تلقينه".أخرجه :الطبرانى فى الكبير.
وعن ابن عمر –رضى الله عنهما- عن النبى –صلى الله عليه وسلم –قال:"أفضل الإسلام أن يسلم المسلمون من لسانك ويدك ،وأفضل الهجرة أن تهجر ما كره ربك ،والهجرة هجرتان هجرة الحاضر وهجرة البادى ،فهجرة البادى أن يجيب إذا دعى ويطيع إذا أمر ،وهجرة الحاضر أعظمها بلية وأفضلها أجرا".أخرجه :أحمد وابن حبان
وعن عبدالله بن حبشى الخثعمى –رضى الله عنه- عن النبى –صلى الله عليه وسلم –قال:"وأفضل الهجرة من هجر ما حرم الله عليه ،وأفضل الجهاد من جاهد المشركين بماله ونفسه ،وأفضل القتل من أهريق دمه وعقر جواده". أخرجه :أحمد والدارمى.
وعن عمرو بن عبسة –رضى الله عنه- عن النبى –صلى الله عليه وسلم –قال:"أفضل الهجرة أن تهجر السوء".أخرجه :الطبرانى ،وأحمد ،وقال الهيثمى :رجاله ثقات.
6- الإستقامة:
أن يستقيم العبد لربه ،ويكون عبدا صالحا لله رب العالمين ،خاصة وقت الهرج وانشغال الناس ،فعن معقل بن يسار –رضى الله عنه- عن النبى –صلى الله عليه وسلم –قال:"العبادة فى الهرج كهجرة إلى".أخرجه :مسلم ،والترمزى ،وقال صحيح غريب.
هذا وصل الله وسلم على سيدنا محمد وعلى أله وصحبه وسلم
وسوم: 637