سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ
إن الأخ عون أخيه فالأخ يجير ضعف أخيه و الواحد منا يقوى ظهره بالمساندة فلا عجب أن يطلب موسى الكليم من ربه أن يشد ظهره بأخيه في تحمل مشاق الطريق و تكاليف المهمة فلما سأل ذلك موسى، قال اللّه تعالى" سنشد عضدك بأخيك " فموسى عليه السلام طلب الموازين الحقيقية للقوة قوة الإيمان لأن الإخوة في الله ثمرة ذلك الإيمان فقال تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌٌ﴾ (الحجرات: من الآية10 و الإخوة نكون أكثر منافحة في الدعوة و أقوى سندا بعد عون الله تعالى فالله هو النصير و لكن المؤيدات البشرية تقتضي ذلك .
إن الرسول صلى الله عليه وسلم غرس قيم الحب و الأخوة بين الصحابة بل جعلها لبنة أساسية في بناء مشروع الأمة فكانت المؤاخاة بين الصحابة أول خطوة أرساها الرسول عليه الصلاة و السلام في المدينة المنورة بعد الهجرة النبوية المباركة كما يروى البخاري ومسلم عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا". لأن صرح المشروع لا يقوم بدون هذه الدعامة الأساسية فالأخوة دعامة في الصرح لأن الإسلام دين الجماعة و ان معظم تكاليفه جماعية و ان هذه الجماعة لا بد لها من رابطة تقوى بها و أساس هذه الأخوة الحب في الله يقول الحبيب محمد صلى الله عليه و سلم في بيان فضل الأخوة : "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدهِ لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا".
إن الأخوة في ميزان ليست أخوة ترف و ترويح و لهو بل هي أخوة عطاء و بذل و تضحية و إيثار فهي أخوة عهد وهي أخوة وفاء وفد عرس الرسول صلى الله عليه و سلم هذه المعاني في صحابته في الحديث النبوي الشريف "كُلُّ سُلَامَى عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، كُلَّ يَوْمٍ يُعِينُ الرَّجُلَ فِي دَابَّتِهِ يُحَامِلُهُ عَلَيْهَا، أَوْ يَرْفَعُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ، وَكُلُّ خَطْوَةٍ يَمْشِيهَا إِلَى الصَّلَاةِ صَدَقَةٌ، وَدَلُّ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ " فبهذا الفهم ربى الرسول أصحابه فهم في عطاء دائب و جهاد مستمر في خدمة المجتمع و نصرة المشروع و قد أثمرت تلك الأخوة الإيمانية الروائع في تاريخ الأمة المضيء المشرق فأنتج الانتصارات و أبدعت روائع الصور في الحضارة في النفس الإنسانية و العمران .
قال الإمام المؤسس حسن البنا رحمه الله في بيان مفهوم الأخوة : "وأريد بالأخوة: أن ترتبط القلوبُ والأرواحُ برباط العقيدة، والعقيدة أوثق الروابطِ وأغلاها، والأخوَّة أخت الإيمان، والتفرُّقُ أخو الكفر، وأول القوة قوة الوحدة، ولا وِحْدَةَ بغير حب، وأقل الحب سلامة الصدر، وأعلاه مرتبة الإيثار ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ﴾ (الحشر: من الآية9 والأخُ الصادقُ يرى إخوانَه أوْلى بنفسِه من نفسه؛ لأنه إن لم يكن بهم فلن يكونَ بغيرهم، وهم إن لم يكونوا به كانوا بغيره، و"إِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ مِنَ الْغَنَمِ الْقَاصِيَةَ" (أبو داود وصححه ابن حبان والحاكم) و"الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ، يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا" (متفق عليه) ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ (التوبة: من الآية71) وهكذا يجب أن نكون".
فما أجمل ان نجتمع في واحة الإخوة في الله و ان نتمسك بعراها و ان نرعى حقوقها و نوفي بشرطها و ان نحي عاطفة الحب في الله .
وسوم: 637