كيف نربي أولادنا؟

يقول الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله :

بعد الشّدَّة التي تربينا نحن عليها،

صرنا نخاف على أبنائنا من تأثيرات القسوة، 

وبتنا نخشى عليهم حتى من العوارض الطبيعية كالجوع والنعاس؛ 

- فنطعمهم زيادة،

- ونتركهم كسالى نائمين 

- ولا نوقظهم للصلاة، 

- ولا نُحملهم المسؤولية شفقة عليهم، 

- ونقوم بكل الأعمال عنهم،

- ونحضر لوازمهم، 

- ونهيء سبل الراحة لهم،

- ونقلل نومنا لنوقظهم ليدرسوا... 

- فأي تربية هذه ؟

- ما ذنبنا نحن لنحمل مسؤوليتنا ومسؤليتهم ؟؟.

- ألسنا بشراً مثلهم ؟

- ولنا قدرات وطاقات محدودة ؟

- إننا نربي أبناءنا على الإتكالية،

 وفوقها على الأنانية، 

إذ ليس من العدل قيام الأم بواجبات الأبناء جميعاً وهم قعود ينظرون !

 فلكل نصيب من المسؤولية،

 والله جعل أبناءنا عزوة لنا،

 وأمرهم بالإحسان إلينا،

 فعكسنا الامر ...

 وصرنا نحن الذين نبرهم ونستعطفهم ليرضوا عنا!

ولأن دلالنا للأبناء زاد عن حده،

 انقلب إلى ضده؛ 

وباتوا لا يقدرون ولا يمتنون ويطلبون المزيد! 

فهذه التربية تُفقد الإبن الإحساس بالآخرين

 ( ومنهم أمه وأبوه )

ولن يجد بأساً بالراحة على حساب سهرهم وتعبهم .

وإني أتساءل : 

ما المشكلة لو تحمل صغيرك المسؤولية ؟

ماذا لو عمل وأنجز،

 وشعر بالمعاناة وتألم ؟

 فالدنيا دار كد وكدر 

ولا مفر من الشقاء فيها 

ليفوز وينجح،

 والأم الحكيمة تترك صغيرها ليتحمل بعض مشاقها، 

وتعينه بتوجيهاتها، 

وتسنده بعواطفها،

 فيشتد عوده ويصبح قادرآ على مواجهة مسؤولياته وحده .


كيف نربي أولادنا؟(2)

   قالت: "تزوجتُ في سوريا، وسكنت في نفس البناء مع أهل زوجي وأولادهم جميعاً؛ كل واحد في شقة منفصلة، فكانت حماتي تلزمنا بالمرور عليها ساعة بعد صلاة العشاء، كل يوم، وكنت أتضايق من إلزامنا بزيارتها، وأتمنى لو تركت أبناءها على راحتهم فيمروا عليها حسب وقتهم وظروفهم، لتكون الزيارة نابعة من القلب، ومن شوق ومحبة"

وتابعت بأن المودة ولا تكون بفرض القوانين، وأقسمت على نفسها أن تترك أولادها على راحتهم إذا كبروا وتزوجوا، ومرت ثلاثون سنة وزوجت أولادها كلهم، وكانوا من خيرة الأبناء ومن أبرهم، ولكن كان يمر الأسبوع ويليه الشهر، ولا تكاد ترى أي أحد منهم داخلاً عليها، إلا إذا دعته لطعام أو شراب أو سألته حاجة فيمر ليحضرها لها! وإذا عاتبهم قالوا: النية قائمة والعاطفة موجودة، وضغط الحياة يجعلها مستحيلة!؟...

ففقهت السيدة الواقع! ورجعت لطريقة حماتها، واستعادت أولادها بإلزامهم بزيارتها في أيام حددتها لهم.

على أن الزمن تغير: فصاروا يدخلون عليها وبيدهم أجهزتهم وينشغلون بها عن الحديث وتبادل الأخبار، فوضعت لهم عند باب البيت سلة للموبايلات، فإذا دخلوا تركوها هناك، ثم جلسوا معاً دون ملهيات، وبهذا استعادت الأم علاقتها القوية بأولادها، واسترجعت الدفء العائلي، وشجعتهم على البر وصلة الأرحام

(وتبينت من هذه التجربة الناجحة أن البر يأتي بالإرشاد والتوجيه، فإذا غفل الأبناء عنه فليطلبه الآباء والأمهات منهم بوضوح، حتى يعينوهم على الخير، ويوصلوا إليهم الأجر والثواب)

                عابدة المؤيد


‏‫ كيف نربي أولادنا؟ (3)

    فن التعامل مع البنات 

كانت فاطمة -رضي الله عنها -إذا دخلت على النبي -صلى الله عليه وسلم - قام إليها فقبلها وأجلسها في مجلسه، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل عليها قامت من مجلسها فقبلته وأجلسته في مجلسها.

 عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَشْبَهَ سَمْتًا وَدَلًّا وَهَدْيًا بِرَسُولِ اللَّهِ فِي قِيَامِهَا وَقُعُودِهَا مِنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، 

قَالَتْ وَكَانَتْ إِذَا دَخَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ إِلَيْهَا فَقَبَّلَهَا وَأَجْلَسَهَا فِي مَجْلِسِه،ِ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا قَامَتْ مِنْ مَجْلِسِهَا فَقَبَّلَتْهُ وَأَجْلَسَتْهُ فِي مَجْلِسِهَا،

فَلَمَّا مَرِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَتْ فَاطِمَةُ فَأَكَبَّتْ عَلَيْهِ فَقَبَّلَتْهُ ثُمَّ رَفَعَتْ رَأْسَهَا، فَبَكَتْ ثُمَّ أَكَبَّتْ عَلَيْهِ ثُمَّ رَفَعَتْ رَأْسَهَا فَضَحِكَتْ،

فَقُلْت:ُ إِنْ كُنْتُ لَأَظُنُّ أَنَّ هَذِهِ مِنْ أَعْقَلِ نِسَائِنَا فَإِذَا هِيَ مِنْ النِّسَاءِ،

 فَلَمَّا تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ لَهَا أَرَأَيْتِ حِينَ أَكْبَبْتِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَفَعْتِ رَأْسَكِ فَبَكَيْتِ ثُمَّ أَكْبَبْتِ عَلَيْهِ فَرَفَعْتِ رَأْسَكِ فَضَحِكْتِ مَا حَمَلَكِ عَلَى ذَلِك؟

َ قَالَت:ْ إِنِّي إِذًا لَبَذِرَةٌ أَخْبَرَنِي أَنَّهُ مَيِّتٌ مِنْ وَجَعِهِ هَذَا فَبَكَيْتُ،

 ثُمَّ أَخْبَرَنِي أَنِّي أَسْرَعُ أَهْلِهِ لُحُوقًا بِهِ فَذَاكَ حِينَ ضَحِكْت."

اخرهُ الامام الترمذي و قَالَ  هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ عَائِشَةَ.

قلت: بعض منه في الصحيحين.

وسوم: 640