عفة اللسان
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه ، وبعد.
من النعم التي أنعم الله بها علينا نعمة اللسان كما قال سبحانه :﴿ أَلَمْ نَجْعَلْ لَّهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ ﴾[ البلد : 8 ،9 ]، فبه يتخاطب الإنسان ويتواصل مع غيره ، لذلك أمر الإسلام بالحفاظ عليه ، فلا يتحدث الإنسان في فيما لا طائل تحته، ولا حاصل من وراءه، قال سبحانه : { وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا } [ البقرة / 83 ].
فالألسنة المؤمنة مشغولة بتكاليف الإيمان، مرتفعة بأشواقه، متطهرة بنوره، متنزه عن كل كلام قبيح باطل، كالخوض في المعاصي، والسب، والشتم، والرفث، وما إليها.
وتجنّب الفحشاء لا تنطق بها ما دمت في جدّ الكلام وهزله
واحبس لسانك عن رديء مقالة وتوقّ من عثر اللسان وزله
أهمية حفظ اللسان
فالكلمات تسجل، كما قال تعالى: { مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } [ق:18]، حتى المزاح والأنين يكتب.
وقد كان الإمام أحمد رحمه الله في مرض موته يئن منه أنيناً فقيل له: يا إمام! إن طاووسا يقول: إن الأنين يكتب، يعني لقول الله تعالى: { مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } [ق:18] فيقول الراوي: فما أنّ الإمام أحمد حتى مات.
فالمسلم الحقيقي من يعف لسانه عن الحرام ولا يؤذى به الناس ، كما ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم- :" المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده" . متفق عليه.
ومن صفات المؤمنين : كما قال- صلى الله عليه وسلم- : "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت". متفق عليه
ويبنى له بيتا في الجنة: كما جاء عن أبى أمامة-رضي الله عنه-عن النبي-صلى الله عليه وسلم-قال:" أنا زعيم ببيت فى ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا وببيت فى وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا وببيت فى أعلى الجنة لمن حسن خلقه".أخرجه: أبو داود ، والطبرانى.
ودليل على حسن إسلام الفرد : فعن أبى هريرة-رضي الله عنه- أن رجلا قتل شهيدا فبكته باكية فقالت وا شهيداه فقال - صلى الله عليه وسلم:" وما يدريك أنه شهيد فلعله كان يتكلم فيما لا يعنيه أو يبخل بما لا ينقصه".أخرجه: البيهقى .
عقاب من لا يحفظ لسانه:
من أكثر الناس خطايا يوم القيامة: فعن مُعاذَ بْنَ جَبَلٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ – أنه سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صَلّى اللهُ عليه وسلَّمَ- فقالَ: قُلْتُ يا نَبِيَّ اللهِ وإِنّا لَمُؤَاخَذُونَ بِما نَتَكَلَّمُ بِهِ فقالَ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يا مُعاذُ وهَلْ يَكُبُّ النّاسَ في النّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَناخِرِهِمْ إِلاَّ حَصائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ ". أخرجه: احمد والترمذي .
والجنة تحرم على النمام ، كما قالَ رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ» لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَتّاتٌ« أخرجه : البخاري
وينتظر الهلاك: كما جاء عن أبى هريرة-رضي الله عنه-عن النبي-صلى الله عليه وسلم-قال:"إن العبد ليقول الكلمة لا يقولها إلا ليضحك بها الناس يهوى بها أبعد مما بين السماء والأرض وإنه ليزل عن لسانه أشد مما يزل عن قدميه ".أخرجه:البيهقى .
كيفية حفظ اللسان وعفته:
-ترك اللغو :عن أبى هريرة-رضي الله عنه-عن النبي-صلى الله عليه وسلم-قال:" ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت".أخرجه : والحاكم والطيالسى
-المحافظة على العبادات: ففى الحج، قال تعالى : {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة : 197].
وفي الصيام، عن أبى هريرة-رضي الله عنه-عن النبي-صلى الله عليه وسلم-قال:" إن الصيام ليس من الأكل والشرب فقط إنما الصيام من اللغو والرفث ". أخرجه : الحاكم وابن حبان.
وفي الزكاة: عن قيس بن أبي غرزة ، قال : أتانا النبي -صلى الله عليه و سلم -ونحن في السوق فقال:" إن هذه السوق يخالطها اللغو والكذب فشوبوها بالصدقة ".أخرجه: الحاكم ،والطبرانى ، وأحمد.
وهكذا كل العبادات تأديتها تأدى إلى ترك اللغو وحفظ اللسان.
-اختر جليسك ومجلسك: يقول ابن القيم:"مجالس الذكر مجالس الملائكة ومجالس اللغو والغفلة مجالس الشياطين، فليتخير العبد أعجبهما إليه وأولاهما به فهو مع أهله في الدنيا والآخرة". الوابل الصيب من الكلم الطيب:56
وعن أبى هريرة-رضي الله عنه-عن النبي-صلى الله عليه وسلم-قال:"ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله فيه إلا قاموا عن مثل جيفة حمار وكان ذلك المجلس عليهم حسرة يوم القيامة". أخرجه: أبو داود والحاكم ،
-ذكر الله دائما :من تلاوة القرآن وسائر الأذكار من التسبيح والتهليل والتكبير والدعاء والاستغفار وغير ذلك.
ختام نهاية المجلس: عن أبى هريرة-رضي الله عنه-عن النبي-صلى الله عليه وسلم-قال:" كلمات لا يتكلم بهن أحد فى مجلس لغو أو فى مجلس باطل عند فراغه ثلاث مرات إلا كفر بهن عنه ولا يقولهن فى مجلس خير ومجلس ذكر إلا ختم الله بهن عليه كما يختم بالخاتم على الصحيفة سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك ".أخرجه: أبو داود، وابن حبان.
وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
وسوم: 640