المحاسبة الذاتية
هائل سعيد الصرمي
مبدأ المحاسبة ضمان لحفظ الأعمار ومسار لتصحيح ا الأعمال
قبل أن نتطرق للوصول إلى هذه المرتبة العظيمة، مرتبة المحاسبة والوقوف مع الذات لا بد أن نقف قليلاً، لنعرف من هم طلابها. لا بد من همة متوقدة لطلبها, تقدر معنى الوصول إليها، وتعرف ماذا يعني أن يكون يومك لله وشهرك لله وعامك لله؟ ماذا يعني أن تُعَبِّدَ وقتكَ لربك وتنفقه في خدمة مجتمعك ؟ ماذا يعني أن تحفظ يومك المنصرم في سجل حسناتك وتصحح يومك القادم وما بعده؟ ما معنى أن تكون في طاعة دائمة وعمل دؤوب بلا انقطاع؟ لبد أن يعي المؤمن لكي يصل إلى سلم المحاسبة لنفسه. ماذا يعني قوله وترديده عند افتتاح كل صلاة إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين. ، لابد لمن أراد الوصل لمرتبة الوقوف والمحاسبة أن يدرك ما معنى أن يكون الإخلاص رفيق دائم له والنجاح والتطور كذلك,؟ ما معنى أن يكون فاعلا في مجتمعه حاملا رسالة عظيمة في مشوار حياته مهموما بقضايا أمته مؤديا لواجباته باقتدار؟ , ماذا يعني أن يكون في حرز الله وحفظة ورعايته وتوفيقه وتيسيره ورضاه,؛ لأن هذه المعرفة تؤدي إلى سمو همته، وتحرير نيته ومقصده ، وتوقد طموحه واندفاعه نحو هدفه وغايته ، وتجعله يبحث عن الطرائق لتحقيق كل تلك المعاني فيسلك سبيل المحاسبة والتقويم لأنها من أقوى الطرائق التي يتم بها الوصول للغاية والنجاح والسعادة في الدارين.
ألجم خطاك لكي تأوب لربهــا وتفـر عما قد نهاك الـله
لـله درك لو شددت حسابها في كل يوم كي تنال رضاه
إن المحاسبة تدفع العبد إلى ميادين العمل والإنتاج والإبداع وطلب المعالي , وتمنعه عن الدعة والغفلة والشهوة والبطالة والعجز والحزن...
كل هذه المعاني وغيرها، ينبغي أن تكن حاضرة في ذهن الراحل إلى الله وكلنا راحلون إليه عندها سيحرص ليس على أن يجعل يومه لله فحسب؛ بل دقائقه وأيامه وأسابيعه وشهوره وأعوامه كلها وسيحاسب نفسه كل يوم بيومه ناهيك عن محاسبتها كل شهر و عام.
حاسبت ُ نفسي ما استطعتُ فصنتها وغــــدوتُ مغمورا ببرد عطاهُ
وغـدوتُ من هول الحساب بمأمـنٍ لمَّ خشيتُ اليـومَ يـومَ لقـــــــاهُ
فانثر علـى أطلال عمرك ظـــلــــه وأنـــــر طـريقكَ نحوهُ بضـيــــــاهُ
خذ عدت السفر الطويل ولا تطع نفســــــاً ولبــــي أمرهُ ونـــداه
كيف نقف مع أنفسنا في نهاية كل يوم مضى لتصحيح يوم أخر وفىَ؟