لا تحزن إنّ الله معنا
إشراقة :
د. فوّاز القاسم / سوريا
عندما يتجمّد الموقف ، وتدلهمّ الخطوب ، وينفض المؤمن يديه من كلّ حول وقوّة في الأرض ، يأتي فرج الله كفلق الصبح ...
(( حتى إذا استيأس الرسلُ ، وظنّوا أنهم قد كُذبوا ، جاءهم نصرنا ))
من الذي استيأس .!؟ الرسل ، قادة البشرية ، ومجددي دينها ، وباعثي الأمل والرجاء في نفوسها ...
والظنّ في القرآن ، هو اليقين ...
أي : أيقن الرسل ( صنّاع الحياة ومفجّري الأمل في البشرية ) بأن لا فائدة من جهودهم البشرية ... جاءهم نصرنا ، هكذا فجأةً ، وبدون أية مقدّمات وإرهاصات .
1. في الغار : يقول الصدّيق لإمام المرسلين في لحظة يأس بشري ، وجنود الكفر المدججين بالسلاح يملؤون الأرض ، ويسدّون المنافذ ، ويحيطون بالغار إحاطة السوار بالمعصم : لقد أُحيط بنا ، وانتهى كل شيء ، وقُضي على بذرة الإسلام
(( يا رسول الله لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا )) ...!!!
فيأتي جواب الله على لسان نبيّه : (( يا أبا بكر ، ما ظنّك باثنين ، الله ثالثهما .!؟
(( يا أبا بكر ، لا تحزن إنّ الله معنا )) ومن يرافق حياة أبي بكر بعد ذلك ، يرى بأن هذه ( المعيّة الإلهية ) قد رافقته طيلة حياته حتى مماته رضوان الله عليه .
2. أمام البحر : موسى ومن معه مطاردون خائفون ، وخلفهم فرعون وجنوده المدجّجون بالسلاح يملؤون الآفاق ، ويسدون منافذ الأرض ومخارجها ، ثم يأتي البحر من أمامهم ، فيسحق آخر بصيص أمل لديهم بالإفلات والنجاة ، ويصيح القوم بصوت واحد : (( إننا لمدركون )) ...!!!
فيأتي الجواب من الله القويّ المقتدر ، صاحب القدرة المطلقة عن أي قيد أو شرط ، على لسان نبيّه موسى عليه السلام : (( كلا ، إن معي ربي سيهدين )) ..
ويهديه الله إلى ضرب البحر ، ويشق الله له الماء بقدرته المطلقة ، وينجّي الله المؤمنين ، ويغرق الكافرين ...
واليوم ، وثورتنا السورية المباركة تصل إلى أشدّ لحظاتها ضيقاً ، وألماً ، وحراجة
والشعب السوري الصابر المصابر يستنفذ كل أشكال الصبر والمصابرة والمطاولة ..
ولسان حال البعض منه يقول : (( إننا لمدركون )) ...
والمجاهدون المؤمنون الصادقون المخلصون الربانيون الموصولون بحبل الله يقولون بصوت واحد : (( كلا )) ... (( إنّ الله معنا )) ...
معنا صاحب القدرة المطلقة ، الذي إذا أراد شيئاً ، يكفي أن يقول له : (( كن )) فيكون .
قاهر الجبابرة والقياصرة والفراعنة والروافض ...
ونصره وفرجه قريب قريب قريب بإذن الله (( ويومئذٍ يفرح المؤمنون )) .