خواطر فؤاد البنا 841
ليس هناك أي تلازم بين حفظ النصوص الشرعية وبين فهم مقاصد الشريعة الإسلامية، هذا إن لم يكن هناك تلازم عكسي. ولأن ملَكات العقل سبعة، وهي: التذكر والتحليل والتركيب والاستنباط والاستقراء والخيال والنقد؛ فإن قراءتي في المصادر التأريخية ومعرفتي بالشخصيات العصرية قد أبانت لي بأن ملكة الحفظ إن أصبحت غاية مقصودة؛ فإنها تتسع على حساب ملَكات العقل الأخرى، وعليه فإن أقل الخلفاء الأربعة فقهاً هو أكثرهم حفظا وهو عثمان بن عفان الذي لم يحفظ القرآن كاملا من الخلفاء الأربعة سواه، وأقل الأئمة الأربعة فقها هو أكثرهم حفظا وهو أحمد بن حنبل، حتى أن هناك من أنكر أنه فقيه وأصر على أنه محدّث وذهب بعضهم إلى أنه فقيه في إطار المذهب الشافعي!
وينطبق هذا الكلام حتى على مستوى الأجيال، إذ يمكن القول بأن جيل الصحابة هو أكثر أجيال الأمة فقهاً لكنه أقلها حفظا، فلم يثبت بالدليل القطعي حفظ الصحابة للقرآن كاملاً إلا ما كان من عدد يسير منهم!!
******************************
الهجرة النبوية هي الجسر الذي عبَر عليه المسلمون من مرحلة الدعوة التي بنت الفرد الصحيح بعقله وقلبه وجوارحه، إلى مرحلة الدولة التي أقامت حقوق الله وطبقت حقوق الإنسان في كافة ميادين الحياة؛ لتتفاعل الدعوة والدولة وتتلاقحان، ولتظهر من صلبهما خير أمة أُخرجت للناس.
******************************
كلما قذف سفهاءُ الناس حزب الإصلاح بمُنكر القول أدركت رجاحة عقول قادته ورشد أفكار أبنائه، وكلما شنّ عليه أراذلُ الخَلْق وحُثالات البشر الحربَ الضروس أيقنت بأنه عنوان للشرف والإباء وأنه يمتلك مشروعا للارتقاء بشعبه وأمته نحو المعالي. ولأنه واحة للحرية فإن العبيد ما يزالون يهاجمونه، ولأنه عنوان للوحدة وأساس للائتلاف فإن أصحاب المشاريع التمزيقية ما فتئوا يستهدفونه، ولأن المشروع الذي يحمله على عاتقه على قدر كبير من العقلانية والواقعية فإن أصحاب الخرافات والأوهام لا يكُفّون عن النيل منه وتسديد السهام إليه!
وسوم: العدد 841