أنا والقراءة
تظل القراءة في حياتنا أيقونة الحياة ، التي تغدي أنفاسنا ، تخفف أوجاعنا ، تهذب طباعنا ، تثري مواردنا المعرفية ، تنقل لنا تجارب غيرنا .
فالقراءة نمارسها ليس حبا للترفيه والترف فقط ، لا نمارسها لنباري بها الخصوم ، لا نمارسها كعادة نقتل بها الأوقات ، أو نمارسها للهروب من واقعنا المظلم ، فالقراءة ليست وظيفتها تجريد الحقائق الصماء ، لنعيش في الكهوف المظلمة .
نمارس القراءة لنكتشف ذاتنا ، نكتشف عوالمنا المجهولة ، نمارس القراءة لنعيش الحقيقة المقررة في النفس والكون والحياة. نمارس القراءة لنكتشف زيف الحضارات الملوثة بالخداع ، المصنوعة من الورق ، بالقراءة نكتشف أكذوبة العالم المتحضر الذي أعدم حضارات ، ليبني حضارة الصّدام .
إنّ القراءة تكشف أسرار الموروث الإنساني في جميع مراحله ، ومن مختلف المشارب والثقافات ، بل القراءة تكشف جمال ذوات عاشت في زمن ما ، لا يحجبها عنا التعصب المذموم لثقافة الكيلو واط .
لكنّ القراءة الواعية تعري عالم النفاق المضروب في العقول المتحجرة ، التي تدعي الحضارة ، وهي تمارس لعبة التلهي والهروب ، ليت العقلاء قرأوا بوعي موروثنا الحضاري ؛ الذي حوى الذوق والجمال ، والحس المرهف.
إن قصة القراءة حكاية ممتعة ، نلازمها وتلازمنا ، لا تنفك عنا ولا ننفك عنها ، فقد يولد عشرتها الحرمان مثلي ، فأن تحرم تعلمها في الصغر بسبب ظروف قاهرة ، فإن ظفرت بها فلن تتركها تضيع منك مرّة أخرى ، بل تظلّ تصرّ لتحافظ على ديمومة وصالها مدى الحياة ، فصيدها غنيمة ، فمثلي يمارسها بحب وشغف ، لتطوف بي في أضربها ومناهلها ، تطوف بي محلقة في مختلف مشاربها ، فتجدني أقرأ للشرق والغرب متحصنا بلب ثقافتي وأصالتي .
وسوم: العدد 1061