لعلّهم يسمعون !
تنادي بصوتها جموعا من الخشب
تنادي بأعلى صوتها لعلّ عابرا يسمع صوتها بين الرّكام .
فالجسم تفحم تحت الأنقاض الحجر ، تصرخ بلا صوت.
أختها ماتت قبلها ، تنادي أخاها المحبوس بين أكداس الحجارة المتهاوية من مبنى عتيق ، كان يجمعهم ، كان يحتوي أنفاسهم.
كانت الصّغيرة تمرح فيه مثل الفراشات ، تمتص الرّحيق.
أمّا أمّها الحبيبة ماتت في المطبخ ، تعدّ أكل الصّباح ، فما استوى فطورهم ، لكن كبد الأم اشتوى ، حين هوى الجدران فوق رؤوس الصّغار ، تصرخ تنادي تستجدي من يسمع صوتها ، تنادي بأعلى صوتها الجحافل الصامتة ، هلمّوا انقذوا صغاري ، تلوح بيديها المخضّبتين بالدّماء ، تتسمّع همس أصوات صغارها الخافتة ، مع هول المصيبة ؛ أنفاسها تختنق ، لا أحد يسمع صراخها ، لا أحد بجبب نداءها .
فجميع صبيتها ماتوا بين الانقاض ، وهي ترسل برقبات لذوات الخشب ، فربّما يحنّ الجماد لهتافات الصّغار ، فربما يستجيب الحجر لصيحات أمّ مكلومة بين الحفر.
فربما تستجيب الحجارة فتخرج الصّراخ ، ترافع عن ضحايا أموات ، ماتوا دون ذنب أو جرم اقترفوه.
قُتِلوا غدرا من كيان غاصب.
وتبقى أرواحهم الطّاهرة تخاصم السّاكتين القابعين في النّوادي و الأبراج.
تقاضي المجرمين الظّالمين في محكمة العدل في السّماء.
تخاصم العالم الصّامت ، فما عاد يصغي لصراخ طفل أعزل.
ليت البريّة تستجيب لأصوات البرايا ، تقاسمهم الأهوال. والأحزان في زمن الرّخاء والجفاء .
تصرخ الأمّ ، تصرخ الطّفلة ، يصرخ القلم .. لعلّهم يسمعون !
وسوم: العدد 1086