هذه رؤيتي

حِينَ نَتَحَدَّثُ عَنْ الرُّؤَئٍ فَإِنَّنَا نَتَكَلَّمُ عَنْ تَجَارِبَ عِشْنَاهَا عَلَى مَحَكِّ الْوَاقِعِ ، نُرَكِّزُ فِيهَا عَلَى وِجْهَاتِ نَظَرِنَا الْخَاصَّةِ ، فِي الْغَالِبِ تُمَثِّلُ هَذِهِ الرُّؤَى خُلَاصَةَ تَجْرِبَةٍ خَاصَّةٍ ، رُبَّمَا يُسْتَفَادُ مِنْهَا ، فَنَحْنُ نَتَعَلَّمُ مِنْ تَجَارِبِ وَ أُطْرُوحَاتِ غَيْرِنَا وَهَذَا مَا أَثْبَتَهُ الزَّمَنُ ، نَسْتَفِيدُ مِنْ نَجَاحَاتِنَا وَ اخْفَاقَاتِنَا ، وَ يَظَلُّ  اَلتَّعْبِيرُ عَنْ ذَوَاتِنَا سِرٌّ مِنْ أَسْرَارِ النَّجَاحِ . فَمَا دُونْتُهُ هِيَ بَعْضُ الرُّؤَى وَ الْأَفْكَارِ تُمَثِّلُ قَنَاعَتِي الْخَاصَّةَ ، وَ قَدْ يُشَارِكُنِي الْبَعْضُ فِي وُجْهَاتِ نَظَرِي .

كَتَبَتْ :

 لَا أُرِيدُ أَنْ أَخْسَرَ أَصْدِقَائِي ؛ وَ مَعَهُ لَا أُرِيدُ أَنْ أَخْسَرَ قَنَاعَتِي وَ نِضَالِي ، فَأَدْفِنُ مَسَارَ عُمْرِي الطَّوِيلِ فِي التُّرَابِ خَوْفًا مِنْ خَسَارَةِ وِصَالِ الْأَصْدِقَاءِ وَ الرُّفَقَاءِ ، عَنْ نَفْسِي أَرَى أَنَّ الْعَلَاقَاتِ الْانِّسَانِيَّةَ الرَّاقِيَةَ تَدُومُ وَ تَسْتَمِرُّ بَلْ وَ تُثْمِرُ عِنْدَ أَصْحَابِ الْعُقُولِ الرَّاقِيَةِ وَ الْمَشَاعِرِ الرَّاقِيَةِ .

لَا أُفَضِّلُ الذَّوَبَانَ وَ التَّخَفِّيَ وَرَاءَ الْجَلَابِيبِ ، وَلَا أُفَضِّلُ الْمُقَامَرَةَ وَ التِّجَارَةَ بِمَبَادِئِي ، أُفَضِّلُ أَنْ أَكُونَ وَاضِحًا مَعَ مَنْ أَتَعَايَشُ مَعَهُمْ ، أَتَعَايَشُ دُونَ تَوْرِيَةٍ ، أُفَضِّلُ أَنْ أَكُونَ أَنَا مَعِي غَيْرِي ، أَظْهَرُ بِأَلْوَانِي الطَّبِيعِيَّةِ ، لَيْسَ تَعَصُّبًا وَ لَا تَكَابُرًا عَلَى الْغَيْرِ وَ لَكِنَّهُ مِنْ صَمِيمِ إِثْبَاتِ ذَاتِ الْإِنْسَانِ . وَوُجُودِهِ .

كَمَا أَرَى أَنَّ الْعَيْشَ فِي جَمَاعَةٍ ضَرُورَةٌ حَيَوِيَّةٌ ، مَهْمَا كَانَتْ لِلْفَرْدِ مِنْ الْمَزَايَا وَ الْأَفْضَلِيَّاتِ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَغْنِي عَنْ بُحْبُوحَةِ الْجَمَاعَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ ، فَالْعُزْلَةُ أَيًّا كَانَ شَكْلُهَا وَلَوْنُهَا سَلْبِيَّةٌ مَرْفُوضَةٌ ، فَالْإِنْسَانُ كَائِنٌ اجْتِمَاعِيٌّ بِطَبْعِهِ ، إِنَّ طِبَاعَ الْبَشَرِ تَتَهَذَّبُ بِالْمُشَارَكَةِ وَ الْخَلْطَةِ الْإِيجَابِيَّةِ ، الَّتِي يَنْشَأُ فِي بِيئَاتِهَا التَّعَايُشُ وَالتَّعَاوُنُ وَالتَّرَاحُمُ الْإِنْسَانِيُّ .

وَأَرَى إِنَّ الْإِغْرَاقَ فِي الْمِثَالِيَّةِ يُخْرِجُ الْأَشْيَاءَ عَنْ طَبِيعَتِهَا السَّوِيَّةِ ، حَيْثُ تُعَدُّ الْمِثَالِيَّةُ هُرُوبًا عَنْ الْوَاقِعِيَّةِ الَّتِي تَفْرِضُ أَنْ يَكُونَ الْإِنْسَانُ نَمُوذَجًا يَحْيَا فِي وَسَطِ النَّاسِ ، تَعَايُشٌ نَلْمِسُ آثَارَهُ فِي النَّفْسِ وَ الْكَوْنِ ، لِهَذَا وَجَدْنَا كُلَّ الْأَفْكَارِ الْمِثَالِيَّةِ الَّتِي سَعَى لِتَحْقِيقِهَا الْمِثَالِيُّونَ ظَلَّتْ أَفْكَارًا غَرِيبَةً يَضَعُهَا الْوَاقِعُ فِي طَيِّ النِّسْيَانِ ، لِهَذَا وَجَدْنَا الْعُقَلَاءَ لَا يَشُدُّونَ عَنْ وَاقِعِ حَيَاتِهِمْ وَلَا مُجْتَمَعَاتِهِمْ . .

  وَ أَرَى أَنَّ الْجَدَلَ الْعَقِيمَ الَّذِي لَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ عَمَلٌ أَوْ يُجْنَى مِنْ مُحَصِّلَتِهِ مَشْرُوعٌ ، أَوْ يَكُونُ مِنْ مُخْرَجَاتِهِ حَلُّ مُشْكِلَةٍ ، أَرَى الِانْسِحَابَ مِنْهُ عَيْنَ الْبَصِيرَةِ ، أَرَى الْمُشَارَكَةَ فِيهِ هَدْرٌ لِلْوَقْتِ وَ إِهْدَارٌ لِلطَّاقَةِ ، لِأَنَّ حَاجَتَنَا لِنَفَائِسِ الْأَوْقَاتِ جِدُّ مُلِحَّةٍ .

وَلِلْأَسَفِ أَنَّ الْبَعْضَ يَحْجُبُ قَنَاعَتَهُ وَ رَوَآهُ خَشْيَةَ أَنْ يَخْسَرَ شَخْصًا ، أَوْ يُغْضِبَ شَخْصًا ، أَوْ يَمْنَعُهُ الْخَجَلُ وَ الْخَوْفُ أَنْ يُظْهِرَ بَعْضَ وُجُهَاتِ نَظَرِهِ بِدَافِعِ حَسَارَةِ مَوْقِعٍ أَوْ غَنِيمَةٍ عَارِضَةٍ ، وَ ذَلِكَ هُوَ الضَّعْفُ بِعَيْنِهِ ، فَلَا أَحْسِبُهُ يَنْفَعُ نَفْسَهُ أَوْ يَضُرَّ غَيْرَهُ ، بَلِ الْمُؤْسِفُ نَجِدُهُ قَدْ حَرَمَ غَيْرَهُ إِضَافَةً وَ اسِّهَامًا أَوْ تَجْرِبَةً..

وسوم: العدد 1101