كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِّلْحَرْبِ

أطفأها الله، ويسعون في الأَرض فساداً، والله لا يحبُّ المفسدين. في آخر خطب النتن – ياهو قال مفتخراً: " إن اليهود اليوم يقاتلون على سبع جبهات"! فجبهة في غزة، وأخرى في لبنان، وأربع جبهات في سوريا والعراق واليمن وإيران، ولقد تحيرت أين تكون السابعة، فتذكرت مقتطفا له من خطبة سابقة؛ وهو يعاند رب العالمين: " سننتصر على حماس ولو كان الله معهم "!!

هذا دأب يهود منذ أن برأ الله الأرض ومن عليها، وهذا ديدنهم، وهذا شأن يهود خيبر وبني قريظة وبني قينقاع، وهذا ما فعله ابن سبأ وابن العلقمي، وأبو رغال. ألم يكونوا وقود الحرب في يثرب بين قبيلتي الأوس والخزج قُبيل الهجرة النبويَّة الشريفة؟!

إن ما أجرمه يهود أمس في "مشروع بيت لاهيا" بغزة؛ حيث أكثر من مئة شهيد في مجمع سكني واحد، ومئات الجرحى والمفقودين ليدل على أنهم شعب الله المختار في القتل والتنكيل؛ فهم أعداء البشر والشجر والحجر ... والهوام، بل وكلِّ هباءة هائمة متناثرة في كون الله الفسيح، الذي كل شيء فيه يسبِّح بحمده، ولكنْ لا نفقه تسبيحهم؛ فتعالى الله عن فجورهم وإجرامهم علواً كبيراً.

لقد فتحوا – بزعمهم- ممرا آمناً لخروج المدنيين، ثم قصفوهم أثناء خروجهم، ولقد قصفوا سيارات الإسعاف، ومن قبلُ المشافي، ثم من سار على قدميه إلى المشفى قُتل على الطريق، واسمعوا إن شئتم لاستنجادات الطبيب حسام أبو صفية مدير مشفى كمال عدوان في شمالي غزة عن المآسي التي لم يسطرها التاريخ بعدُ إلا في غزة العزة!!

في مشروع بيت لاهيا أمس استشهد أربعون شخصا من عائلة واحدة في عمارة سكنية مكتظة بالمهجّرين؛ هم من عائلة "أبو النصر"؛ وكم من عائلة مُحي أثرها من سجلات القيود المدنية في غزة ... وسوريا ... والعراق... والسودان ... ولبنان ... ووو....؟؟!!

" وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ۚ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا ۘ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ۚ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا ۚ وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۚ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ ۚ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ۚ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (64)" / المائدة 64. ويقول الإمام ابن كثير في تفسير هذه الآية العظيمة: " يخبر تعالى عن اليهود - عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة - بأنهم وصفوا الله عز وجل وتعالى عن قولهم علوا كبيرا ، بأنه بخيل . كما وصفوه بأنه فقير وهم أغنياء ، وعبروا عن البخل بقولهم :  (يد الله مغلولة )

قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو عبد الله الطهراني ، حدثنا حفص بن عمر العدني ، حدثنا الحكم بن أبان ، عن عكرمة قال : قال ابن عباس) مغلولة (أي : بخيلة .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله :  (وقالت اليهود يد الله مغلولة (  قال : لا يعنون بذلك أن يد الله موثقة ولكن يقولون : بخيل أمسك ما عنده ، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا .

وقد قال عكرمة : إنها نزلت في فنحاص اليهودي عليه لعنة الله . وقد تقدم أنه الذي قال ) إن الله فقير ونحن أغنياء /(آل عمران : 181/  فضربه أبو بكر الصديق رضي الله عنه .

وقال محمد بن إسحاق : حدثني محمد بن أبي محمد ، عن سعيد أو عكرمة عن ابن عباس قال : قال رجل من اليهود يقال له : شاس بن قيس : إن ربك بخيل لا ينفق ، فأنزل الله :  (وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء )

وقد رد الله عز وجل عليهم ما قالوه ، وقابلهم فيما اختلقوه وافتروه وائتفكوه ، فقال ) غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا( . وهكذا وقع لهم ، فإن عندهم من البخل والحسد والجبن والذلة أمر عظيم ، كما قال تعالى ) أم لهم نصيب من الملك فإذا لا يؤتون الناس نقيرا أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله  فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا/ ( النساء : 53 – 55.

ثم قال تعالى) :  بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء( أي : بل هو الواسع الفضل ، الجزيل العطاء ، الذي ما من شيء إلا عنده خزائنه ، وهو الذي ما بخلقه من نعمة فمنه وحده لا شريك له ، الذي خلق لنا كل شيء مما نحتاج إليه ، في ليلنا ونهارنا ، وحضرنا وسفرنا ، وفي جميع أحوالنا .

وقوله) :  وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة( يعني : أنه لا تجتمع قلوبهم ، بل العداوة واقعة بين فرقهم بعضهم في بعض دائما لأنهم لا يجتمعون على حق ، وقد خالفوك وكذبوك ..

وقوله :  (كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله( أي : كلما عقدوا أسبابا يكيدونك بها ، وكلما أبرموا أمورا يحاربونك بها يبطلها الله ويرد كيدهم عليهم ، ويحيق مكرهم السيئ بهم .

) ويسعون في الأرض فسادا والله لا يحب المفسدين( أي : من سجيتهم أنهم دائما يسعون في الإفساد في الأرض ، والله لا يحب من هذه صفته".

فمتى يطفئ الله سبحانه وتعالى نيران حروبهم المستعرة السبعة؟ ومتى يظهر الله جنده الحق عليهم؟! ألا إن نصر الله قريب.

وسوم: العدد 1101