الْمُصَارَحَةِ الْجَادَّةِ

يُخٌطِئُ الْبَعْضُ حِينَ يَضِيقُ دِرْعًا بِالوَقَفَاتِ التَّقْيِيمِيَّةِ الْجَادَّةِ ، وَ مَا النَّكَسَاتُ وَ الْإِخْفَاقَاتُ الْحَاصِلَةُ ؛ مَا هِيَ إِلَّا نَتِيجَةٌ لِتَغَافُلِ مَحَطَّةٍ مُهِمَّةٍ فِي إِدَارَةِ الْمَشَارِيعِ بِكُلِّ أَشْكَالِهَا وَ أَنْوَاعِهَا ، سَوَاءٌ كَانَتْ اجْتِمَاعِيَّةً أَوْ سِيَاسِيَّةً أَوْ اقْتِصَادِيَّةً أَوْ عَسْكَرِيَّةً ، نُهْمِلُ التَّقْوِيمَ الْجَادَّ ، الَّذِي بِهِ نُثَمِّنُ الْمَسَارَ أَوْ نُعَدِّلُهُ .

وَ مِنْ أَسَالِيبِ التَّقْوِيمِ أُسْلُوبُ الْمُصَارَحَةِ أَوْ مَا يُسَمِّيهِ الْبَعْضُ جَلْدَ الذَّاتِ ، وَ هَذَا الْأُسْلُوبُ وَظَّفَهُ الْقَادَةُ النَّاجِحُونَ مَعَ شُرَكَائِهِمْ سَوَاءٌ كَانُوا مُوَظَّفِينَ أَوْ مَسْؤُولِينَ عَلَى مَصَالِحَ خِدْمِيَّةٍ أَوْ إِدَارِيَّةٍ ، الْغَرَضُ مِنْ تَوْظِيفِهِ تَقْوِيمُ الْمُعْوَجِّ وَ إِصْلَاحُ الْخَلَلِ الْمُسَجَّلِ فِي الْبَرْنَامَجِ الْمُسَطَّرِ أَوْ تَطْوِيرُ الْبَرَامِجِ وَ تَحْسِينُ مَرْدُودِهَا .

 فَمِنْ جُمَلِ التَّقْوِيمِ الْمُسْتَعْمَلَةِ عِبَارَاتٌ إِجْرَائِيَّةٌ مُحَدَّدَةُ الْمَعَالِمِ ، وَاضِحَةُ الْمَدْلُولِ ، تَتَّجِهُ صَوْبَ عُمْقِ الْمُشْكِلَةِ مِنْهَا : قَصَّرْنَا فِي الْوَاجِبِ الْفُلَانِيِّ ، أَخْطَأْنَا فِي تَقْدِيمِ فُلَانٍ أَوْ تَأْخِيرِ فُلَانٍ ، كَانَ بِإِمْكَانِنَا تَجَاوُزُ الْعَقَبَاتِ بِأَقَلِّ التَّكَالِيفِ ، أَوْ أَنَّ الْعَمَلِيَّةَ كَذَا لَمْ تُعْطِ حَقَّهَا مِنْ الدِّرَاسَةِ وَ التَّحْلِيلِ ، أَوْ أَنَّنَا لَمْ نَسْتَغِلَّ الْمُتَاحَ الْمُمْكِنَ ، أَوْ كَانَ بِإِمْكَانِنَا تَقْلِيصُ مُدَّةِ الْإِنْجَازِ ، أَوْ كَانَ بِإِمْكَانِنَا تَحْسِينُ نِسْبَةِ الْمَرُودِ .

إِنَّ مِثْلَ هَذَا التَّقْيِيمِ يُعَدُّ ظَاهِرَةً صِحِّيَّةً ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَغْرَاضِهِ النَّيْلُ مِنْ الْقَائِدِ وَ الْمَسْؤُولِ أَوْ الْمُوَظَّفِ ، بَلْ هُوَ دَعْمٌ وَ تَقْوِيمٌ ، يُسْهِمُ فِي تَطْوِيرِ الْعَمَلِ الْمُؤَسَّسِيِّ ، قَصْدُهُ رَفْعُ وَثِيرَةِ الْعَمَلِ وَ تَثْمِينُهُ ، لِتَحْصِيلِ النَّجَاحِ وَ التَّفَوُّقِ .

فَعَلَى الْقَائِمِينَ عَلَى الْعَمَلِ الْمُؤَسَّسِيِّ أَوْ الْمَشَارِيعِ تَوْظِيفُ هَذَا التَّقْوِيمِ فِي مَحَطَّاتِ مَرَاحِلِ إِنْجَازِ الْمَشَارِيعِ حَتَّى يَتَحَقَّقَ الِارْتِقَاءُ لِمَصَافِ الْمُؤَسَّسَاتِ الرَّائِدَةِ مِنْ خِلَالِ انْتِهَاجِ هَذِهِ الْأَسَالِيبِ الْفَعَّالَةِ فِي الْمُتَابَعَةِ الدَّوْرِيَّةِ أَوْ الْمَرَاحِلِ الْخِتَامِيَّةِ نَحْتَاجُهُ نَقْدٌ يُقَدِّمُ إِضَافَةً نَوْعِيَّةً لَا نَقْدًا يُرَادُ مِنْ خِلَالِهِ كَسْرُ الْعَزَائِمِ ، تَرْوِيعُ الْمُوَظَّفِينَ وَ الْمَسْؤُولِينَ وَتَخْوِيفُهُمْ وَ تَخْوِينُهُمْ ، إِنَّمَا يَتَّجِهُ صَوْبَ الْبِنَاءِ لِتَقْوِيَةِ إِدَارَةِ مَشَارِيعِنَا وَ تَطْوِيرِ خِبْرَاتِ الْقَائِمِينَ عَلَى إِدَارَةِ الْمَشَارِيعِ . .

وسوم: العدد 1100