قطوف في الأذواق
مِنْ الذَّوْقِ الْفَاسِدِ أَنْ يَتَقَمَّصَ الشَّبَابُ شَخْصِيَّةَ الشُّيُوخِ ، فَيَحْنِي الظَّهْرُ ، يَثْقُلُ الْحَدِيثُ ، وَلَمْ تَصْقِلْهُ بَعْدُ تَجَارِبُ الْعُمْرِ وَ الْأَيَّامِ وَ قَدْ قِيلَ : { يَشْقَى الرَّجُلُ حِينَ يَكْبُرُ اسْمُهُ عَنْ حَقِيقَتِهِ } .
مِنْ الْمُعَامَلَاتِ الَّتِي تَنْقُصُ فَضْلَ الْمَجَالِسِ ، رُعُونَةُ الطِّبَاعِ ، كَكَلْحِ الْوَجْهِ ، وَإِعْطَاءِ الظُّهْرِ لِلْحُضُورِ وَالْجُلَسَاءِ ، وَوَشْحِ الْحَدِيثِ ، وَعَدَمِ مَعْرِفَةِ فَضْلِ الْعَالِمِ وَالْكَبِيرِ .
مَا أَثْقَلُهَا حِينَ يُحْرَمُ الْمَرْءُ التَّعْبِيرَ عَنْ حَالَتِهِ النَّفْسِيَّةِ ، فَتَثْقُلُ الْكَلِمَاتُ عَلَى اللِّسَانِ كَلِمَاتِ الذَّوْقِ وَ الْمُجَامَلَةِ ، فَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقُولَ : عَفْوًا ، شُكْرًا ، سَامِحْنِي ، أَعْذُرُنِي ، وَ كُلُّ تِلْكَ الْأَلْفَاظِ لَهَا وَقْعُ السِّحْرِ عَلَى النَّفْسِ .
لَيْسَ مِنْ الذَّوْقِ افْتِعَالُ الْأَزَمَاتِ ، بِتَضْيِيقِ الْأُمُورِ ، وَ شَحْنِ النُّفُوسِ بِالْخُصُومَاتِ حَتَّى تُصْبِحَ عَادَةً وَ طَبْعًا يُعْرَفُ بِهَا الْأَشْخَاصُ ، وَ دِينُنَا يَأْمُرُنَا بِإِحْسَانِ الْعِشْرَةِ ، وَ وَصْلِ الصِّلَةِ ، وَ الصَّبْرِ عِنْدَ الْأَذَى .
وَمِنْ الذَّوْقِ الْفَاسِدِ عِنْدَ الْبَعْضِ التَّدَخُّلُ فِي الشُّؤُونِ الْخَاصَّةِ لِلنَّاسِ ، دُونَ إِذْنٍ أَوْ سَابِقِ مَعْرِفَةِ حَالِ وَ ظُرُوفِنَا الْخَاصَّةِ ، فَيَحْشُرُ الْأَنْفُ فِي مَسَائِلَ لَا تَعْنِي الْمُتَدَخِّلَ وَ لَا تَخُصُّهُ ، فَيُقَابَلُ بِرُدُودِ فِعْلٍ لَا نَرْضَى أَنْ نُعَامِلَ بِهَا الْغَيْرَ ، وَلَيْسَ مِنْ طِبَاعِنَا وَ أَخْلَاقِنَا .
وسوم: العدد 1107