جميلة بوحيرد ومن الفاعل الحقيقي
محمد جلال القصاص
[email protected]
جميلة بوحيرد، من مواليد 1935م، ولا زالت بين الأحياء، انضمت
لجبهة التحرير الجزائري عام 1954م، وقبض عليها في عام 1957م، وحكم عليها بالإعدام،
ثم خفف الحكم للسجن المؤبد. وبعد نجاح ثورة الجزائر عام 1962م، خرجت من سجنها،
وترأست "اتحاد المرأة الجزائرية" لعامين، ثم رحلت لفرنسا، وتزوجت فرنسياً
(محاميها)، وحصلت على الجنسية الفرنسية، وبقيت بين ظهراني المحتل حيناً من الدهر!!،
ثم طلقت وعادت للجزائر.
لا تجد في قصتها ما تكتبه أكثر من هذا. وحين قبض على جميلة
بوحيرد، فتحت وسائل الإعلام أبواقها، وراحت تنقل من أخبارها، تقول: كانت .. وكانت،
وفعلت .. وفعلت...
ومِن بعدهم جاء الأكاديميون من القوميين العرب، في أعلى المحافل
العلمية (دراسات عليا)، يدرسون "قصة جميلة"، يقولون: النضال .. والمناضلات.. قد
استنطق الأدباء، إنه الأدب يهتم بقضايا الوطن العربي!!
هل حقاً استنطقت جميلة بوحريد (أو جميلة بوحيرد :قولان !!)
الأدباء؟!!
أبداً.
من قبل كانت الأفعال تنطق الشعراء والخطباء، واليوم يمارس
الشعراء، والأدباء، والزعماء، وأهل الفن والغناء، صناعة الحدث، هم يصنعون الأبطال.
في برنامج "اللقاء المستحيل" استضافت المذيعةُ جميلةَ بوحيرد،
وبدت منزعجة تقول: ما قالوه عني لا يعبر عن شيء عندي، فالحقيقة غير ما قالوا؟!
وما أنصتوا. حتى في ذات البرنامج ما أنصتوا!!، لأن شخص جميلة لا
يعنيهم !!... فقط يعنيهم أن يلمعوا أنثى ... فقط يعنيهم أن يقولوا كان نضالاً
وطنياً، ولم يكن جهاداً إسلامياً... فقط يعنيهم أن يقولوا: بوحيرد.. وبن بلا، وحركة
"تحرير الجزائر" العلمانية، لا بن باديس ورفاقه من العظماء الكرام.. أن يقيموا
العرس على هذه العرائس المزيفة لا على الأبطال الحقيقيين. وكل يبكي على ليلاه.
إنهم يصنعون الحدث بجميلة بوحيرد.
وكتب الشعراء، وشارك أهل الرقص والغناء. وشارك "الزعماء"، يستقبلونها استقبال
العظماء، يقولون: مناضلة.. ويقولون ... ويقولون.
هل حقاً أعجب عبد الرحمن الشرقاوي بفعالها، فأملى عليه "شيطان الشعر" من أحوالها؟!
فكانت "مسرحية مأساة جميلة " الشعرية، التي مثلت على خشبة المسرح، وسجلت، وأذيعت،
بل ودرست في المحافل التعليمية؟!.