حضارة الحمير التي سادت ثم بادت

وليد رباح

[email protected]

 تخيلت يا صديقي في لحظة عقلانية ان هذا العالم قد حكمته الحمير .. واصبح الانسان وسيلة نقل بعد ان نضب النفط وتوقفت السيارات  والطائرات والصواريخ عن العمل .. وعاد الحمار والانسان معا الى عصور ما قبل التاريخ .. مرحبا بكم في هذه اللخبطة .

***

 اخترعت جموع الحمير مراوح تثبت في القدمين يسيرها الهواء ببطاريات تشحن بتحريك الذيل يمنة ويسره استخدمت كوسيلة نقل سريعه ..وهكذا سادت على امة بادت .. ولما كان الانسان قد فقد ذيله منذ عصور سحيقة واستبدله ب ( العصعص) الذي ضمر .. فلم يعد ينفع في شىء سوى ان يحمل على ظهره الماء والحطب خدمة للحمير التي اضطهدها على طول الزمان الذي مضى .. فكنت ترى القضاة والمستشارين في المحاكم ينهقون عندما يأتي الغداء .. ويرفسون بارجلهم عند العشاء .. ويتمرغون على تراب الطريق كلما عن لحمار ان يضاجع اتانه .. وترى انسانا قدم مالكه الحمار للمحاكمة لان حمله كان فوق طاقته .. ثم ينطق القاضي بحبس الحمار ليس في سجن مغلق .. وانما باستبدال الحمار مكان الانسان لنقل الحطب والماء لمدد معينه .. حسب الجرم الذي ارتكبه .. ثم يمنع عنه الكلأ والماء اذا زاد في غيه واضطهد الانسان . وكنت ترى  الآوانس والسيدات الانسيات  يركضن خلف الحمير أملا في جلب المحبة وقضاء ليلة الى جانب الحمار .. خاصة وان( سلاحه) لا يقهر .. ويمكن ان يضم في شفتيه الواسعتين رأس حواء  بكامله . اضافة الى اسنانه الكبيرة المفرودة على شفتيه العلوية والسفلى. وكنت تراهن وهن يتندرن على الانسان وهو يحمل الماء والحطب .. فقد  عاملهن الحمير بالكثير من الرأفة لجمالهن ورقة طبعهن .. فملن الى الحمير وعزفن عن الانسان .. اما اناث الحمير فقد دبت الغيرة في قلوبهن واصبحت الخناقات  تلتهب في العائلة الحميرية الواحدة .. فامتلآت المحاكم بالمطلقين والمطلقات  .. وسرت في الجو شائعة ان  الحمير سوف يستبدلون اناثهم بالانسيات فعلقت الدنيا وتوترت الاجواء .. ففي الفيافي والقفار  .. كانت الشرطة الحميرية تعثر أثناء دورياتها على انسية رفست حتى الموت .. او انبعج صدرها نتيجة رفسة اتان غيوره .. او غرست في صدرها السيوف وفي ظهرها الحراب وعلى جنبيها السكاكين .. ولكن والحق يقال .. فقدجهدت الشرطة التابعة لوزارة الداخلية الحميرية لكشف تلك الجرائم .. واستطاعت في فترة زمنية قصيرة ان تعقد صلحا بين بنات حواء وبنات العشيرة الحميرية .. على أن تخدم كل انسية اتانا وتعمل راعية لصغار الحمير في بيوتهم المرفهة .. فعم السلام .. ودب الوئام .. واصبحت الدنيا  بالف خير .

 وفي غضون عقود من الزمان كثرت او قلت بعلم الله تطورت الحمير وتراجع الانسان .. اصبح الحمير يجلسون على الموائد يأكلون السجق والشاورما والفته .. وتراجع الانسان وعزف عن اللحوم فاخذ يأكل الحشائش والعشب والشوك والبرسيم .. فتبلد مخه وازداد غباؤه ونحل جسمه .. ثم انه تحسس يوما عصعصه فاذا به ينبت مثل ( قرمية) شجرة عتيقه .. ثم ازداد الورم فوق استه فنبت له ذنب كث الشعر لكنه قصير القامة لا ينفع لادارة المراوح الهوائية التي يستخدمها الحمير كوسيلة للنقل والتنقل ..

ونتيجة لما وصل اليه الحمير من حضارة فقد اتجهت جموعها نحو الطغيان .. بدأت جيدة الطبع جميلة الصفات رائعة المسلك في بداية وضع يدها على هذا العالم الواسع .. ثم بدأ الانحراف يظهر في سلوكياتها .. اخذت تطغى وتبغي خاصة بعد اختراع حميري  اعتبر في حينه من اعجوبات العصر .. فقد اخترعوا من الماء وسائل وقود واخذوا يخترعون ما يجعل العقل يطير من فرط التغير .. عادت الطيارات والسيارات للعمل .. وعاد السلاح الذي يقتل الانسان والحمار معا. فكثر الظلم وعم الفساد .. وانتشرت السرقة واصبح الدعارة الحميرية جزءا من الحياة العامة واصبح اولئك يتغنون ( بالديمقراطية) الحميرية ولكنها ديمقراطية عرجاء تعتمد القتل والتقتيل في سبيل تنفيذها مما يعتبر دكتاتورية ممجوجه  .. ولكن الانسان لم يعد الى اصوله التي قرأها الحمير في التاريخ الذي مضى .. ولم يتعظوا بما حدث لهم في سالف الزمان ..

ونتيجة لكل ذلك .. فقد انهارت دول الحمير واحدة اثر الاخرى .. واخذ الانسان يحلم ان يعيد مجده .. ولكن ذلك الانسان ظل على حاله من الغباء .. فعلى اغصان شجرة تطل على هذا العالم في عيد نهاية العام .. شاهد الناس والحمير معا .. قردا تلمع استه بالاحمرار في عتمة الليل .. فخطب في الناس  والحمير معا .. ايها الناس .. ايتها الحمير المزعجه .. لقد انتهى عصركم وبدأ عصر القرود .. نحن اليوم اذكى وابهى واحسن منظرا ... لقد بدأ عصر القرود .. وبدأت الديمقراطية تأخذ اشكالا اخرى ..

سرحت بعيدا .. ولكن زوجتي نهرتني كي استفيق من غيبوبتي .. فنظرت الى وجهها فرأيت الشعر ينبت كثيفا منه .. ثم عندما تعرت في ليلة ليلاء رأيت الشعر ينبت في كل انحاء جسمها .. ثم هرعت الى المطبخ واخذت ( قرن ) موز كبير اخذت تلتهمه بشراهه وقالت : ايها النائم على بحر من الخزعبلات .. هذا هو عصرنا .. اليوم يحكم القرود هذا العالم .. ولسوف نخترع ديمقراطية اخرى غير ما ساد عالم الانسان والحمير .. وتصبحون على خير .