صفعة القدر

صفعة القدر

إيمان أبو عطية

[email protected]

لحظةُ الفِراقِ صعبةٌ نوعاً ما، خاصةً إن رافقها وداعٌ بِلا رجعةٍ كوداع العمر، كتجرُعِ السُمِ القاتِلِ قطرةً قطره، نُمضى ما تَبقى من أوراقِ حياتنا دونهم، ونلغي جميعَ أدواهَم التي قدحَلُمنا يوماً ما أنهم بها وأنهم أبطالهُا، ونضطرُ مرغمينَ على كتابةِ قصةِ حياةٍ جديدةٍ لنا دون ذكرهم ، فما عادوا لنا ،وما عادوا هنا.

وداعُ الموتى، لم يكن ليحظى بكلِ ذلك الكمِ الهائِلِ من القلق والتفكير، كنتُ أخالُهُ محنةً ما ثلبتُ أن تهدأ، فلغاية هذهِ اللحظةِ لا أزالُ أملكُ قناعةً عمياءَ بأن ملائكةَ الموتِ تحومُ فقط حولَ الأخرين الأخرينَ من أصدقائِنا والأخرين من جيراننا، الأخرين أيضا من اصدقاء جيراننا وأصداقاء أصدقائنا ،محنة تصيب الكل عدانا، لم أكن أعلمُ بأنَهُ شأننا وقضائنا جميعاً ، لم أكن لأتخيلَ يوماً أن ملائكةَ الموتِ ستزورنا لتصحبَ أحبابَنَا في رحلةٍ طويلة جداً، تكاد تكون بلا نهاية، تأخدهم جميعا فتبقي لنا فقط أرواحُهم وأجسادهُم الغير مرئيه.

أتدري، رحيلهم فجأة قاتل نوعا ما، لا يمهدوا لنا ولا يمنحونا فرصة التأقلم،بل يتركونا دون أي مقدمات وتمهيدات، فيأتي نبأهم كصفعة قوة يوجهها لنا القدر دون أدنى درجة من الرحمه، لا يمنحونا فرصة وداعهم بحفاوةٍ وعلى مهل ، بل نودعهم بخيبةِ مواصلة حياتنا دونهم مع إلغاء كافة الأدوار التي قد كنا كتبناها لهم ، نلغي كل الأدوار التي قد خلنقناها ليعيشوها، سنعيش بدون تأثيرهم بنا، يلغى دورهم تماما.

أتدري أيضا، أجد الحديث معهم وهم داخل بيتهم الأبدي مريح،وانت كلك ثقه بخبرتهم وحكمتهم، يستمعون لك دون لوم ولا مقاطعه ودون شماته، تتحدث معهم وكلك ثقه أن سرك لن يفضح، تتحدث معهم دون أن يجبروك على الكذب والمرواغه وأيضا دون أن يشعروك يوما ما بالندم لأنك سمحت لهم بتملك سكن داخلك......

معهم فقط يجدر بك إلتزام الصدق.