سأقتل "الفراغ" ولن أسامح "الجندي المتقاعس"

سأقتل "الفراغ" ولن أسامح

"الجندي المتقاعس" وأنتم؟!!

هنادي نصر الله

[email protected]

عندما يحتل الفراغ مساحةً كبيرة من قلبِ الإنسان؛ تبرد مشاعره، وتفتر همته، وتُصبح الحياة في عينيه لا قيمة لها، يُبصرها بزاويةٍ معتمةٍ؛وكأنها صحراء جرداء، تتوق إلى ينبوع التجديد والإبتكار، وإلى تغيير الصورة النمطية التي أُخذت عنوةً في زمنٍ تستبدُ فيه الماديات والمصالح؛ فتُجهزُ على كل فرصِ إثبات الذات، وتقتل كل محاولات الرقي والتطلع إلى دنيا غير عادية؛ فيها كل معاني الشهامة والإباء..

" الفراغ" الجحيم الذي يقودنا إلى الهاوية، يسلبنا نعمة التفكير السليم إذا ما استمر يغزو عقولنا دون رحمةٍ بإنسانيتنا، التي يهمها دومًا أن تستند إلى ركائز إيجابية ومساندة حقيقة؛ لا تتبدل بتبدل المواقف والأجواء، ولا تتغير مع انحراف التيار في بعض الأحيان، فأيُ مبدعٍ في العالم إذا ما شعرّ يومًا بأزمةٍ قاتلةٍ سببها" الفراغ" وسوء إدارة المعنيين لتطلعات الحالمين، يُفكر بشكلٍ تلقائيٍ في طرقٍ لإثارةِ وجذب الجميع لوجهةِ نظره، لحلمه، لهدفه، وإذا ما انشدوا إليه، وإذا ما استعبوه بحق، فإن ظنّ السوء قد يقتحم عالمه، فيشعر وكأنهم " يغنون وفق أهوائهم" فهو وتطلعاته في واد، وهم ومصالحهم في واد...!!

أعود إلى " الفراغ" أكبر مدمر لصحة الإنسان؛ والعدو الأول للمبدعين، الذي يجب قهره بالتخطيط والتفكير الدقيق، والابتعاد عن كل المثيرات، عن كل المواقف التي تستفز أعصابنا، بل علينا أن نواجهه بابتعاد أنفسنا عن الشواغل وتوافه الأمور..

قد يتساءل أحد، والتساؤل حتمًا مشروع، لماذا أتحدث الآن عن " الفراغ" هذا المتهم الرئيسي في تراجع الأمم وتهالك الشعوب، أقول " لأننا نعيش إجازة صيفية، مدتها ما يقارب ثلاثة شهور، إذا عشناها بكل طولها وعرضها في المجون واللهو والصخب والترفيه فقط، فنحن أمة لا تستحق أن تعيش، أو تتحرر من نير وعبودية وذل الإحتلال...

حريٌ بأولياء الأمور، بالمسئولين، بأصحاب الجمعيات والمنتديات والتجمعات على اختلاف أنواعها أن تتقي الله في خططها وبرامجها الصيفية، وأن تعلم حق المعرفة بأن تربية الأجيال وإرضاء طموحات الشباب هو مسئولية مباشرة على عاتقها، حريٌ بها أن تنأى بنفسها عن أجندات الممولين وأهدافهم الخاصة، وواجبٌ عليها أن لا تضع إلا من يخاف ويتقي الله لتنفيذ برامج وخطط ومخيمات الفئات المستهدفة، كل حسب طبيعة عمله ومجاله..

فيا أيها المسئولون ...

أعيدوا حساباتكم، وحاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا، اتقوا الله فيمن اخترتموه ليعلموا معكم، فجنود أي مؤسسة شبابية يجب أن يكونوا وقودًا تشتعل، تحترق، تتألم، تكابد وتعاني، لا تعرف ليل ولا نهار، لأجل هدف سامي وأساسي آلا هو خدمة ورفعة الوطن وإعلاء كلمة الدين..

جنود أي مؤسسة هم واجهتها الحقيقية ليس فقط أمام المجتمع بل أمام العالم بأسره، ومن قبلهم أمام الله...

فمؤسفٌ آلا ندقق في كل جندي من جنودنا، ومؤسفٌ آلا نسعى لتقييم حقيقيٍ ومنصف، يأخذ بعين الإعتبار من يضع الخطط البناءة بجدارةٍ ودهاء، تقييمٌ يضع حدًا أيضًا لكل من يسعى لهدم تطلعات الحالمين، وأخيرًا أساس أي عملية تنمية ورأس مال الجميع يجب أن يكون الكادر السليم في المكان السليم...

قوة الشخصية والتأثير، والاستماتة وقول الحق ويقظة الضمير هي العوامل الرافعة لأي شعبٍ فهل حقًا كل جنودنا في أماكنهم السليمة؟ هل حقًا كلهم يُخلصون في أداء أعمالهم؟ أم أن هدف بعضهم لا يتعدى حدود المناكفات وتصفية حساباتٍ تافهة ودنيئة ورخيصة؟!!

الإجازة الصيفية دقت أبوابها بيوتنا دون أن تستأذننا؛ فموعدها حان، فماذا أعددنا لها؟ هنيئًا لمن خطط وثابر، ولا سامح الله من خطط بخبثٍ ومكر، ليسلبّ أجيالنا ومجتمعنا لذة التنمية والتطوير..

حذارِ أيها المثابرون أن تُهزموا إن شعرتهم يومًا بمرارة الواقع وسوء إدارته...