التحليق نحو الأسفل

هايل عبد المولى طشطوش

[email protected]

كثير من الناس اليوم يرغبون في الشهرة ونشر الذات على الصعد المختلفة لأغراض مختلفة منها جمع المال ومنها جنون العظمة الذي يلازم الكثيرين ومنها التعالي ومنها التفاخر ومنها الكثير الكثير من الأسباب ومن اجل ذلك يرتادون طرائق ويقتحمون وسائل متعددة ومختلفة منها ما هو المباح والمشروع ومنها ما هو الدنيء والخسيس ، والمثال البسيط الذي بدأ يظهر في زمن التكنولوجيا وثورة الانترنت هو الكتابة لا بقصد الفائدة ونشر العلم وتحقيق التحصيل العلمي للقارئ او طالب العلم بل الهدف هو ضخ الكثير من الكلام بلا طعم ولا معنى مما هب ودب من غير مراعاة لقيم ولا التفات لفائدة مرجوة وهذا ما يلمسه القارئ والباحث عن المعلومة فيجد العنوان المطلوب ولكنه يجد الغث من الكلام المحشو في المتن عناوين كبيرة وأسماء مفخمة وتلاعب بالألقاب وتفاخر بالأنساب على حساب العلم وطلاب العلم ولا شك ان العلم والكتابة والتأليف والثقافة إذا دخلها هذا الداء فهو اشد  فتكا من السرطان في جسم الإنسان لا يتركه حتى يجهز علية ويتركه جسدا خاويا من الروح ، كل ذلك بهدف التحليق ولكنة مع الأسف تحليق نحو الأسفل ....!!! والقارئ اليوم هو اشد براعة من الكاتب لأنه بات يميز الغث من السمين ويعرف من يهرف بما لا يعرف ويترك ما لا ينفعه إلى ما ينفعه فيذهب الزبد جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض .

 رسالة إلى إخوتي الذين امتهنوا الكتابة واتخذوها طريقا لهم  أقول إن الكتابة لا تريد من يمجها مجاً ويقذفها على قارعه الطريق لمن أراد ولمن لا يريد لأنها أمانه والكلمة لها سلطان ولها وقع اشد من وقع الحسام المهند فحرام على من امتهن هذه المهنة أن يهينها بهدف التحليق إلى الأسفل ، ومع كل الأسف فقد  أصبحنا نرى المحلقون نحو الأسفل كثر في زمن الكتابة الانترنتية- إن جاز لنا التعبير -  وهذا ما يجعل الكلمة الصادقة الامينه الهادفة المفيدة أسيرة في صدور من يملكونها ويجعلها بالمقابل طليقة منفلتة من عقال أقلام الراغبين بالتحليق نحو الأسفل ، إن اتخاذ عقول الناس مطية للتفاهات لا شك انه تحليق نحو الأسفل على حساب القراء وطلاب العلم الباحثين عن الحقيقة والحكمة لأنها ضالتهم التي عنها يبحثون فمن أراد التحليق نحو الأسفل علية بقمم الجبال والنظر إلى قعر الأودية وهناك علية أن يمارس هوايته ويحلق نحو الأسفل ولا يمارسه على عقول الناس باستهزاء وسخرية لأنه في النهاية إنما يسخر من نفسه وعليها ...؟؟