دعاء الجمعة
يوسف فضل
الاشياء الممتعة في الحياة أقل عددا من تلك المتعبة والكريهة والموجعة!
(وإرسكين كالدويل)
في نهاية كل خطبة جمعة وفي كافة المساجد الإسلامية يأتي الدعاء التقليدي بمثابة تنظيف أخلاقي ونفسي لتخفيف دواعي أزمات نعيشها فلا حل لها إلا بتصديرها إلى السماوات العلا وبذلك يؤدي الخطيب مهمته الإعلامية في ذكر المشكلة التي يدعو لها دون تحضير المصلي للبحث عن حل للمشكلة لان هذا الدعاء هو البلسم الشافي لجروح المصلين اليومية الذين يؤدون مهمتهم الأسبوعية في القناعة والرضى بتأدية المفروض عليهم .
في احد المساجد (أي مسجد في العالم العربي ) كاد الخطيب أن ينفجر من حرارة دعاءه لله في أن يجد حلا لما يعانيه الشعب العراقي والفلسطيني من آلة القتل والتدمير المتعمدان والخطيب يدعو وموجها كلامه وكليته إلى الله : " من لأبناء العراق وفلسطين غيرك " . وأخذ العرق من الخطيب حجما كبيرا من البقع على ملابسه إذ لاحظت ذلك لأنني في الصف الأول من المصلين . وقد شعرت أن الخطيب سيدعو الله أن ينزل على المسلمين إما مصانع أسلحة أو أن يبعث طير الأبابيل .
بعد الانتهاء من الصلاة التي خرجت منها بدون كرت اصفر أو احمر انتحيت بالخطيب جانبا وقدمت احتجاجي له على الدعاء الذي لا يعفينا من المسؤولية لما نحن فيه وقلت :" لماذا لا تدعوا وتقول من لأبناء العراق وفلسطين غيركم . إذ ليس الخلاف بين الله وأي إنسان ، لكن الخلاف بين البشر وأنت تريدنا أن نناضل داخل جدران المسجد " .
فهم الخطيب قصدي على انه تحريضي وليس توعوي فرد علي :" الحمد لله أن الدولة تسمح لنا بإلقاء الخطبة .أنا بعرضك ورائي أولاد أريد أن أربيهم " . كان على عجلة من أمره للتخلص مني إما لاعتقاده أنني مصيبة قادمة له أو أنني رجل مخابرات يمتحنه وهذا بسبب مقدار حجم الخوف الذي يعيشه الإنسان العربي فلم نعد نثق ببعضنا .
لم يترك لي الخطيب إلا أن استوعب حالة الضعف الإنساني هذه البعيدة عن معنى الآية " الذين آمنوا وعملوا الصالحات " التي تربط الإيمان بالعمل .