وسُئلت عن رزان
سئلت عن رزان ..
فقلت : فيض حنان .. وأنشودة جنان ..
فعمرها سنتان.. تلثغ بالأحرف وتخلط ذلك اللثغ مع الكلام اللا مفهوم .. لحنها المفضل .. وسلاحها الفعال هو البكاء والصراخ .. أناملها الصغيرة .. تعطي عنوانا للمستقبل الذي سوف تصنعه .. وقلبها الغض .. يحكي .. قصة بدء إنسان .. عيونها الجميلة ..تطوف بذلك العالم الطفولي الحالم .. ونظرتها .. ترنو دائما نحو الأفق البعيد .. فيختلط ذلك في نظرة عينيها .. فتلمع في بهجة .. لتعطي لليائس أملا .. وللبائس طاقة وقوة ..
حياتها .. لهو ولعب .. وفرح وصخب .. وخوف وترقب .. على حسب الظروف المتاحة لها .. فعندما يأتي وقت النوم .. وتحس بالوسن يثقل جفنيها .. تأتي إلى أمها لتحكي قصة وشجن .. بذلك اللثغ والأحرف الغير مرتبة أو غير مقصودة .. فتترك أمها العمل .. رحمة وشفقة وترضعها حتى تغمض عينيها في هناء .. نحس في البيت هدوء غريب .. وسكون غير مألوف .. فتجبرنا بسحر طفولتها على النوم .. وقت نومها .. والاستيقاظ على صوتها وصراخها .. فنهب جميعا .. وكلنا فرح مسرور .. ببدء يوم جديد .. مع رزان .
تبدأ رزان .. بأول زاوية جذابة .. عليها التحف المرتبة الأنيقة .. أو تتجه إلى طاولة عليها صحن الحلوى الزجاجي والأطباق الملونة .. فتشدها تلك المناظر .. وتذهب للعب .. ثم كالعادة .. بحركة غير مقصودة .. تقع التحفة . أو يسقط الصحن .. فنسمع صوت ضجيج .. فيهب الجميع خائفين على رزان فتأتي إلينا من الباب الخلفي وتنظر إلينا ببراءة وكأنها لم تفعل شيئا !!
ثم إن يومها لا يحلو .. إلا إن أمسكت سماعة الهاتف وأخذت تتحدث بكل اهتمام .. أو تدق أزراره وتسمع ذلك الصوت العجيب الذي يخرج منه !
وأحلى اللحظات .. عندما تركض إلى أحد أفراد العائلة بلهفة .. فتشعل السرور في قلبه ..
ولديها عادة غريبة يضحك منها المرء .. فهي إن كانت خائفة .. أو لديها شيء لا تريد من أحد أن يأخذه .. تغمض عينيها ! .. وتعتقد بعالمها الطفولي أنها ستختفي كما تفعل النعامة تماما !! وعلى هذا الحال ومنه طيلة اليوم ..
أمسكت بالقلم وأخذت أبحث في الكتب وفي صفحات المجلات .. وأوراق الأدب .. فلم أجد ما يفوق خاطري من مشاعر .. فأحببت أن اكتب شيئا لها مع أنه لم ولن يصف ما اشعر به ..
حبيبتي رزان ..أريد أن أقول لك : أني أحبك كما أنت .. أحب نحيبك وصراخك .. أطرب بسعادتك وصخبك .. أترنم بتلك اللثغة اللطيفة التي تمتزج مع الأحرف الغريبة التي تصدرينها .. وتسعدين بذلك .. أحب فيك كل شيء .. أحب عالم عينيك الجذاب المتوهج .. أهيم بتفكيرك الطفولي المبدع .. وقلبك الذي لم يعرف الحقد ولا الحسد ولا البغض .. أشعر أنك شمس ذهبية في سمائي .. ربما كان حبي لك أكثر من حبي لأختي التي هي أمك .. امتلأ خاطري بالمشاعر .. وتدفق جناني بأسمى معاني الحب .. ولن أستطيع إكمال ما بدأته ..
في الختام أقول : حفظك الله لوالديك وجعلك من الصالحين المصلحين ..
أغلقت دفتر مذكراتي وكنت قد كتبت في مطلع تلك الصفحة : سئلت عن رزان
خالتك المحبة : آزاد منير غضبان
لحن الغربة