لَبَّيْكِ يا شآم

د.محمد بسام يوسف

[email protected]

ضاقتْ الأرضُ الطيبة .. وبَكَتْ السماءُ الحانية

جَفَّتْ الأنهارُ .. فَقَدَتْ شذاها الأزهارُ

وتساقطتْ أوراقُ الشجر !..

أقفرتْ كلُ البساتين والحقول

وتكسّرتْ سنابلُ بلادي

ذَبُلَ غصنُ الزيتونِ .. وماتتْ الحمامةُ البيضاء

وانطفأ القمر !..

*     *     *

رحلَ كلُّ محبٍ لبلادي

مَن فضّلَ جناتٍ تجري من تحتها الأنهار

ومَن زُجَّ في ظلامِ الأقبيةِ المخيفة

ومَن هجرَ الأرضَ الطيبةَ من غيرِ وَداعٍ

لم يكن هناك متّسعٌ من الوقتِ للوداع !..

*     *     *

بكَتْ الشامُ مُحبيها

وبكى الكونُ الشامَ

ضجّتْ الشامُ .. وضجَّ الكونُ .. وغضبَ العدلُ

لم يبقَ صوتٌ للحقِ في بلادي .. كُبِتَ صوتُ الحق !..

*     *     *

انتفشَ الظلمُ .. وتطاولتْ الهمجيةُ

وغدا الباطلُ وحشاً ضخماً

الوحشُ كبتَ وقَهَر

جارَ وخانَ ونكص

ظلمَ ولم يعدِل .. وأنَّى للباطلِ أن يعدِل ؟!..

*     *     *

الحريةُ في بلادي أثر

والحُرُّ سلَّمَ للقَدَر

والمذبَحُ في الشامِ كَبُر !..

كلهم يَرومونَ ذبحي

أنا الحُرُّ الذي لم يُقهَر

أنا المسلمُ الذي ما عرفَ الخَوَر

أنا ابنُ الشامِ التي نزفَتْ .. أنا الذي يَشكو :

شكوتُ إلى الله المتسلطينَ

شكوتُ يهودَ

وملكَ الدولارِ

وبراميلَ النَّفطِ

شكوتُ الغربةَ

شكوتُ القتلَ والتدميرَ وانتهاكَ الحُرَم !..

شكوتُ آلامَ أمتي إلى إلهِ السماواتِ والأرضين

شكوتُ القاعِدين

شكوتُ مَن لم يكن فيه حِسُّ البشر !..

*     *     *

أنا ابنُ الشامِ الذي نصرَ كلَّ أحرارِ الأرض

أنا الحُرُّ يئنُّ

أيها الأحرار :

إذا مِتُّ .. ماتتْ الشام

وإذا ماتتْ الشامُ .. ماتتْ كلُّ الأرض

ولن يبقى إلا الظلمُ .. والباطلُ .. والعذابُ .. والتنكيل

أيها المسلمُ في كلِ مكان :

إني أنزف .. إني أُقهَر

اسمعْ صوتي

صوتي ملأ الدنيا

ملأ الأرضَ

ملأ كلَ بلدٍ وقُطْر !..

قتلوا أمي وأبي وأشقائي

ذبحوا أختي

سرقوا طفلي

هدموا بيتي

خربوا أرضي

دكّوا المسجدَ والمحرابَ

ختموا أملاكي بالشمعِ الأحمر

لكني .. لن أُقهَر !..

*     *     *

أدعو اللهَ أن يرحمَني

في جَوْفِ الليلِ .. في محرابي .. أدعو ربَّ الكونِ

أصنعُ سَيفي

أسقي غَرْسي

أجمعُ آياتِ القرآنِ

في قلبي أحملُ قرآني

أمضي .. أسرعُ .. أتسابقُ مع الوحشِ الجاني

أدعو اللهَ ألا يسبقني الوحشُ

كي لا تبقى المحنة .. كي لا تتعذَّبَ حُرَّة

حتى يحيا الشيخُ

ويرضعَ طفلُ بلادي قرآناً وحديثَ رسولي

حتى يعودَ المسجدُ .. والمحرابُ .. والمئذنةُ

ويعودَ التكبيرُ .. والإيمانُ

ودرسُ الفقهِ .. والتفسيرِ !..

أمضي حتى يُدرَسَ سِفْرُ الحُرِّ

ويُصنَعَ تاريخُ بلادي

ويُكسَرَ جبروتُ العاتي

*     *     *

بإسلامي .. بإيماني .. بقوةِ ربي أمضي

بيقيني أمضي

بدمي أسقي غَرْسي

حتى ينموَ خالدُ ، والقعقاعُ .. وعُمَر

حتى تنضجَ خَنسائي

وتكبُرَ شيماءُ .. وخولة

*     *     *

سَيُطَهّرُ شعبي أرضَ الشامِ .. لتعودَ كما كانت

وتعودَ سماءُ الشامِ كما كانت

لتعودَ الأنهارُ .. يتدفَّقُ منها الماءُ الصافي .. مع الإيمانِ

ليعودَ شذى الأزهارِ

وتعودَ الخضرةُ لأوراقِ الشجر

وتعودَ حقولُ بلادي كما كانت

وتعودَ سنابلُ شامي

ويعودَ غُصنُ الزيتونِ

ويعودَ القمرُ .. وكلُّ الحماماتِ البيض

*     *     *

سأعودُ إلى وطني .. وأفكُّ أسْرَ بلادي

وأمضي نوراً .. بالقرآنِ

سأصلّي في كلِ مكانٍ كان وَكراً للشيطانِ

سأهزمُ جُندَ هُبَلٍ .. وعبدَ الدولارِ

سأمضي أحملُ في قلبي قرآني

فويلٌ .. ويلٌ للأصنامِ .. والأشرارِ !..

6 من تشرين الأول 2005م