أهلاً رمضان
نور الجندلي
النور أطلّ على الكون عبر هلال جميل .. تفاخر بهيبته ووقاره على كل
الكواكب والأجرام السماويّة .. كيف لا وهو هلال رمضان
ذلك الشهر القادم إلينا
بعد سفر طويل ..
وبعد أن ذرفت عيوننا دموع الاشتياق ..
ما إن
ودّعتنا شمس شعبان إلى غير رجعة
وواعدتنا بإشراق جديد .. في فجر جميل .. حتى أضاءت الأرواح
مستبشرة برضوان الله وبفرصة من ذهب لا
تعود إلى يوم القيامة ..
السواعد
شُمّرت تأهبا للوضوء ..
وتراكض الشبان والشيوخ إلى المساجد كل يمنّي نفسه
بالصفّ الأول
..
والفتيات زيّنّ شعورهن بغطاء ساتر انسدل بوقار على
أكتافهن .. واصطففن بنظام ليصلين الجماعة
..
وبقيت حائرة بيني وبين نفسي .. هل أذهب المسجد
لأكسب صلاة الجماعة أم
أستعين بالله وأصلي في البيت فصلاة المرأة فيه
أفضل ..
وأخيرا قررت
وابتدأت الصلاة وروحي تتحرق شوقا للتروايح وما
أحوجني لها هذه الأيام
وكأنني قد استفتحت مع صلاتي كل أنواع الصخب والضجيج
ودعوتها لتزورني في هذا الموعد بالذات
..
الهاتف لم يتوقف عن الرنين
والأطفال لم
يتوقفوا عن العراك والشغب
باب غرفتي الذي أحكمت إغلاقه بدأ يُفتح ويغلق بقوّة
..
وتدخلت أصوات من الخارج بمشاركات وجدانية ..
لتغادر دموع الحزن عيني
هاطلة بغزارة
اليوم الأول
ألن أحقق شيئا
ماذا أفعل ؟؟
هل أستسلم ؟؟
دعوت الأطفال لاجتماع عاجل
وشرحت لهم أهمية التروايح وأجرها
فسارعن
للوضوء والصلاة وكنّ يسألنني .. كم
ركعة نصلي فكنت أختار دائما الرقم
الأكبر كي ينصرفن عني وقتا أكثر
تركت الهاتف يرن حتى بحّ صوته
وقررت معاودة
الاتصال بكل من اتصلن
وتوجهت إلى الله بطلب العون كانت معركة طويلة
استنزفت وقتي وجهدي وطاقتي
وتذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لخديجة
رضي الله عنها :
إن الله يبشرك ببيت في الجنة من قصب
لا صخب فيه ولا نصب
وقد كنت أتساءل لم حدد الصخب والنصب ؟؟
فأتتني الإجابة تقول: لشدة ما عانته
في بيتها من جهد في التربية وتعب جسماني
فكان نصيبها الراحة والأمن والهدوء في
الجنة فسألت الله
تعالى أن يرزقني وكل الأمهات المسلمات بيتا في الجنة لا صخب
فيه ولا نصب !
وهكذا مضى اليوم الأول بلفتتة شكر وعرفان
أرسلتها لرمضان
فهو يأبى أن يرحل عنا قبل أن يخلد في الذاكرة
معنى عميقا أو عبرة أو حكمة .