رأيته أفقاً يقطر دفئاً (1)
رأيته أفقاً يقطر دفئاً..!! 1 من 2
محمد السيد
لا ينظرون أبعد من كراسيهم، لا يستطيعون ذب الضباب يتناوش وجوههم، يرتحلون ميممين وجوههم إلى مقاتلهم.. ويضحكون ولا يبكون.. وهم سامدون.. بين أيديهم أفق دافىء وحضن رؤوم ولا يدرون.. أوهم يدرون ولكنهم لا يحيرون فعلاً أو حراكاً تجاهه. أمعنت العتمة في الانقضاض على العبرة، فكأنما نتلذذ بمشاهدة أجساد المسخرين تذوي، ثم يسكن مئات الآلاف منها أطول قبر في العالم سور الصين ، لنقول اللحظة.. ما أعظم البناء القاتل..! وما أعظم الحضارة..!.. غاضين البصر والبصيرة والاتعاظ، لنقيم مآتم المديح الغليظ الفج..!.
سلمونا للضياع بعد أن كنا ننظر في سمائنا والصباح، فنرى أفقاً يقطر دفئاً، ويصب في سواقي من أمن وأمان، وجعلونا نتساءل: لماذا يرتحلون بنا لينصبوننا شواهد زور على مدخلات حضارة تمطر في عقولنا فقدان الذاكرة..
ألم ترتوِ أفئدتنا من ثقافة ملؤها الحبّ؟! ألم يأن للذين يطّلعون بالمقدمة أن تحن عقولهم وقلوبهم ومشاعرهم إلى عناقيد الحياة الحرة الكريمة، تتدلى من شجرة تحمل ثمر القول: ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) ..؟..
ألم نقرأ هذه الثقافة؟ أليست هي كياننا الذي يريدون خلعه من أرواحنا ومن على أجسادنا..؟
ألم تقرأ في ذلك الكيان.. الخلق عيال الله خيرهم عند الله أنفعهم لخلقه..؟
هذا هو الأفق الفذ.. لقد رأيته بأم عيني يتدفق حلماً، يملأ السواقي بالكثير الكثير من الحِكَم التي تقود الحياة بحبِّ الإنسان، حتى لكأن الطرق تعبق بعطر المودة، قبل أن يذر رماد الضباب فوق الروابي، محاولاً طمس العبق قبل أن يقبل ضوء الفجر، فيفضح كيد العبث الجاري لاستعارة إهاب الآخرين الملوث بالغدر والطمع وإحن التاريخ..
هاهو الأفق يطل لقد رأيته بأم عيني، إنه يبدأ من عند: »ولقد كرمنا بني آدم..« (لاكما جعلته غزوة الضباب قرداً ممسوخاً) ويمرُّ بحيوية إن المؤمن لأكرم على الله من الكعبة، ويُعرّج في طريقه على دفق من الحب والدفء واحترام الإنسان، لتمتلئ أنهار الحياة بمعزوفات فاتنة تهدهد الساحات بالحب والمودة والاحترام، وهذه هي الشواهد الماثلة تطل من الأفق الدافئ، فتمعن في إضاءة أرجاء الحياة، داعية الحاضرين: أن هلموا إلى مائدة عامرة بعرى اللقاء الإنساني المهتدي السديد، أعطونا أبصاركم وقلوبكم ثم عقولكم، لنستمتع معاً في الساحة داخل هذه الحديقة الغناء، التي غرسها الإسلام في أس الحياة.. حيث نبدأ من السياسة، فنستمع لأقوال الأفذاذ، تصدح في آذان الزمان وأهله قائلة: »لا إكراه في الدين«
ـ لا خير فيكم إن لم تقولوها ولا خير فينا إن لم نسمعها...
ـ وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني...
ـ متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً...
ـ الحمد لله الذي جعل في أمتي من إذا أسأت قومني بحد سيفه.
ـ أخطأ عمر وأصابت امرأة...
ـ أخشى أن يسألني الله عن بغلة عثرت.. لِمَ لم أمهد لها الطريق...
ثم نمر بالاجتماع، لنتحدث عن رحيق التجربة ونصوصها حلوة المذاق، تدعو المدبرين إلى مائدتها، وتفتح لهم أبواب الأفق، تقطر دفئاً وحناناً، وتصنع حباً وأمناً وأماناً.. واقرأ معي فإني أريد من حواسك أن تتعدل » بالاعتذار من الشاعر فوزي السعد لاستعارة المصطلح« وذلك كي تتلقى ما تقرأ بالتدبر الذي يلتقط المعاني العميقة الفذة..
ـ "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه "
ـ " والله لا يؤمن... والله لا يؤمن.. والله لا يؤمن.. من بات شبعاناً وجاره إلى جنبه جائع وهو يعلم "
ـ تبسمك في وجه أخيك صدقة...
ـ الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها.. لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق...
ـ " ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة"
ـ " وجادلهم بالتي هي أحسن "
ـ " ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك "
ـ ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما كان العنف في شيء إلا شانه
ـ الخلق عيال الله.. أحبهم إلى الله أنفعهم لعياله..
ـ " وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان.. "
ـ تواضعوا حتى لا يبغي أحد على أحد ولا يفخر أحد على أحد..
ـ " وبالوالدين إحساناً، وبذي القربى، واليتامى والمساكين والجار ذي القربى، والجار الجنب، والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالاً فخوراً "
ـ عُذبت امرأة في هرة حبستها..
وبعد.. أفلا تكون الرؤية للأفق الدافئ حقيقة جاذبة وثمرة حان قطافها، ودعوة لعودة كريمة عزيزة لحياض تصنع رجالاً رجالاً...؟.