الحدود قد توحدنا؟!

يحيى بشير حاج يحيى

عضو رابطة أدباء الشام

لا احد يصدق بأن الحدود بين الأمة الواحدة، والشعب الواحد يمكن أن تكون عامل توحيد، فهي في واقعها والاجراءات التي تتطلبها تشعر القادمين والمغادرين بأنهم غرباء؟! ومع ذلك ومن واقع التجزئة التي تعيشه الأمة وتحرص عليه فقد أحسست خلال عبوري بين قطرين شقيقين بشيء من التوحد مع أناس يتكلمون بلغتي، ويدينون بديني.

تصوّر معي أعداد كبيرة من المسافرين نزلت من الحافلات ومن السيارات الخاصة، واتجهت إلى مبنى يضيق بهم على سعته! هنا شباك للأجانب وبجواره شباك لأبناء البلد وقريب منه شباك للمواطنين العرب ...وَ ...وَ ....

في ممر طويل يحيط به إطار حديدي من الجانبين، يضم عرباً من المحيط إلى الخليج، أحسست، وأنا أدس نفسي بينهم أني أحقق ما لم تحققه هيئات عربية كبيرة؟!.

لم يكن أي من الواقفين يعرف الآخر من قبل، ومع ذلك بدأت الابتسامات والمجاملات والنصائح، ولفت النظر إلى الإجراءات التي على القادم أن يقوم بها قبل أن يحظى بالوقوف في هذا الطابور المبارك، وكانت مشاهد متعددة:

أحدهم يتذكر أن زوجته لم تذهب إلى غرفة المطابقة الشخصية وأن جوازها معه، وهو لا يستطيع الخروج لئلا يفوته الدور، ينظر فيجدها بين النساء، يشير لها بيده فلا تفهم ما يقصده؟! يخشى أن يناديها باسمها فيكون هناك اسم مشابه؟! وأخيراً تقترب فيفهمها ما يريد، فتذهب ثم تعود بعد أن تأكدوا أنها هي هي كما أنه هو هو ؟!

آخر يخطئ في الطابور المخصص لأهل البلد، فيشير إليه الموظف أن طابور العرب هناك، فيتعاطف معه أحد الفضلاء وبغمزة عين وإشارة خفيفة وتراجع للوراء قليلاً يتسلل صاحبنا، ويقف أمام نافذتنا المبجلة؟!

ثالث: يقترب من منتصف الطابور ليعطي أحد المقتربين من النافذة عدداً من الجوازات، فهو لم يعد يستطيع الانتظار؛ لأن أصحابه على وشك الرحيل.

تسمع هنا جميع اللهجات، وترى جميع الأزياء، وتحس برائحة كل الأقطار، ويأتيك الدفع والضغط من كل جانب؟! ويتمنى المرء على الرغم من معاناته، وهو محصور في هذا الجمع أن يطول به الوقوف، ليردد في نفسه: فرقتنا السياسات، ووحدتنا الطوابير