خواطر من الكون المجاور الخاطرة 49.. مأساة عصرنا
مراقبة ما يحدث حولي ومحاولة تفسيره وفهمه ،بدأ بشكل فطري منذ كنت طفلا صغير ، كنت أشعر بأن كل ما يحدث من حولنا سواء كان خيرا أو شرا يحدث بطريقة يتم فيها نوع من التدخل الإلهي ليأخذ الحدث معنى يساعدنا في فهم حقيقة ما يحدث من حولنا ، و لنستطيع تحديد مسيرة حياتنا ومصيرنا سواء كان كأفراد أو كشعوب أو كإنسانية بأكملها.
كل شيء، كل حدث، كان بالنسبة لي كلمة أو جملة من رواية كونية كتبها الله عز وجل ، وكان علي أن أبحث لفهم هذه الكلمة ،أو هذه الجملة ﻷستطيع يوما ما فهم هذه الرواية اﻹلهية، كنت متأكدا تماما بأن الله يتحدث مع كل إنسان في هذا العالم من خلال اﻷشياء واﻷحداث التي توجد وتجري حولنا ، ولكن المشكلة ،من ذاك الشخص الذي سيتوقف عند كل شيء أو عند كل حدث ليحاول البحث فيه لتحليله وفهم مضمونه وعلاقته بمصيره أو مصير شعبه أو بمصير اﻹنسانية بأكملها ؟
يوميا تحصل عشرات اﻷحداث في حياتنا وربما نرى أيضا مئات اﻷشياء ، فتحليلها لفهم معناها قد يحتاج إلى أيام طويلة من التفكير ، وهذا يعني سيكون هناك تراكم الآلاف من اﻷحداث واﻷشياء غير المفسرة في كل يوم ، فكل حدث مهما كان صغيرا له معنى ولكني هنا لا أتكلم عن كل شيء ، فالخالق هو وحده فقط يعلم معنى اﻷحداث جميعها ، ولكن أتكلم عن الأحداث الهامة تلك التي مع الزمن تصبح جزء من تكويننا الفكري، وتلعب دور كبير في توجيه حياتنا سواء كان بعلمنا أو من دون علم ، فأهم فرق بين اﻹنسان ككائن حي مع بقية الكائنات الحية ، هو أن اﻹنسان لديه في عقله الباطني مستودع لتخزين المعلومات بشكلها الروحي ، حيث ترابط هذه المعلومات وإنسجامها مع بعضها البعض يلعب دورا كبيرا في تكوين شخصية اﻹنسان وطريقة تفكيره ونوعية سلوكه.
أحد تلك اﻷحداث التي أثرت في حياتي وساعدتني على فهم ما يجري حولي والتي جعلت من قانون ( العفة والسلام ) أن يكون أهم مبدأ في سلوكي وتفكيري ، هي هذه الحادثة التي أذكرها في خاطرة اليوم.
في قبو البناية التي أقيم بها مع عائلتي كانت تقيم إمرأة عجوز مسلمة مع إبنتها التي كان سنها في ذلك الوقت تقريبا 30-35 عام وكان إسمها (بديعة) .
إسم بديعة في اللغة العربية معناه ( جميلة، رائعة، أصيلة لا نظير لها ) ولكن شكل تلك المرأة كان مختلفا تماما عن الصفات التي يحملها هذا اﻹسم ،فقد كانت مصابة بشلل نصفي ، يجعلها تعرج أثناء سيرها ، وعندما تتكلم كان صوتها يخرج بشكل متقطع وبطريقة وكأنها تختنق مع كل كلمة تخرج من حنجرتها ،وعندما تخرج من البيت كانت ترتدي حجابا أسود يغطيها من قمة رأسها إلى أخمص قدميها ، وكانت هذه الملاية السوداء التي ترتديها شكلها غريب ، يجعلها تبدوا وكأنها كتلة هلامية سوداء يجعلها تبدو كتلك اﻷشباح التي نراها في أفلام الرعب ، وهذا ما كان يجعلها بالنسبة ﻷطفال الحي وكأنها (البعبع أو الغول ) الذي يخيفون الكبار به اﻷطفال ليجبروهم على تناول طعامهم أو على الصمت وما إلى ذلك ..... فكان من العادة أن يلعب اﻷطفال في مدخل البناية ، وكانوا عندما يرونها فجأة تخرج من القبو المظلم وبشكلها الهلامي اﻷسود وطريقة مشيتها ، كان اﻷطفال يتوقفون عن اللعب مباشرة ويخرجون من البناية مذعورين، وكانوا لا يدخلون البناية ثانية حتى تخرج وتختفي من الحي.
كان جميع سكان الحي مسيحيين ،لذلك كانت بديعة وأمها يعيشون بعزلة تامة عن سكان الحي ، وكانت أمي- ﻷنها مسلمة - هي الجارة الوحيدة التي تتكلم معهما ، فكثير من اﻷحيان كانت بديعة تصعد إلينا وتجلس مع أمي وتتحدث معها في المطبخ أثناء تحضير الغداء.وبسبب زيارتها الكثيرة لنا كنت أعرفها جيدا وكانت تبدو لي بأنها إمرأة طيبة ومسكينة تختلف كثيرا عن تلك الصورة التي يتصورها اﻷطفال عنها في مخيلتهم .
كثيرا من اﻷحيان كنت أفكر في أمر هذه المرأة ، فكنت أتساءل مع نفسي ، طالما أن الدين اﻹسلامي كما يعتقد المسلمون بأنه هو الدين الوحيد الصحيح عند الله وأن بقية الديانات فهي بالنسبة لهم من الضالين أو المغضوب عليهم ، فإذا كان رأي المسلمين عن ديانتهم هذا صحيحا ،لماذا أتى الله بهذه المرأة المسلمة إلى هذا الحي المسيحي، لماذا لم يأتي بعائلة مسلمة أخرى بدلا منها تجعل سكان الحي المسيحيون ينظرون إليهم بنظرة أخرى تجعلهم يحبونها ويحترمونها ليتقربوا شيئا فشيء من الدين اﻹسلامي ، بعكس ما يحدث مع هذه المرأة ، التي أصبحت بالنسبة لأطفال الحي شيء مخيف ويجب اﻹبتعاد عنه.
هكذا شاءت اﻷقدار أن يكون إسم (بديعة) هو أيضا إسم عمتي أخت أبي ، وشاءت اﻷقدار أن يكون صفات مظهرها مطابق تماما لمعنى هذا اﻹسم ، فقد كان مظهر عمتي تنطبق عليه اﻵية القرآنية ( وخلقنا اﻹنسان في أحسن تقويم ) وبقدر ما كان مظهر ( بديعة) الجارة مخيفا للأطفال بقدر ما كان مظهر عمتي مسرا للنظر ، فعندما كانت تأتي لزيارتنا وتسكن معنا لعدة أيام ، كان أصدقائي اﻷطفال كلما رأوها عن قرب، ينظرون إليها بنظرة إعجاب ويسألوني عنها ، فكنت أخبرهم بأنها عمتي وكنت أشعر وكأني أرى في عيونهم في تلك اللحظات هذه العبارة ( ما شاء الله كم هي بديعة عمتك هذه ).
ربما عمتي هذه كانت بالنسبة لي العلامة اﻹلهية التي جعلتني أفهم أن دور عائلتي في ذلك الحي هو تصحيح معنى اﻹسلام في عيون سكان هذا الحي ، وأن اﻹسلام ليس دين منعزل عن اﻵخرين كما يظن المسلمون المتعصبون ولكنه دين يجمع بين القلوب وبين الشعوب لينمي فيهم روح المحبة والسلام والتعاون على حل مشاكلهم معا.
فقد كان أفراد عائلتي بشكل عام حسن المظهر والسلوك ، وهذا ما جعلهم محبوبين بين سكان الحي ، وربما التشابه في اﻷسماء مع وجود التناقض الكامل بين عمتي وجارتنا ( بديعة )، هو الذي جعلني أنتبه إلى كل ما أفعله ﻷكون في عيون أصدقائي اﻷطفال وكذلك في عيون الكبار من سكان الحي، الطفل المثالي الذي تتمنى كل أم وكل أب بغض النظر عن دينهم أن يكون لهم طفل مشابه لي بالصفات والسلوك.
في الجهة الأخرى من الحي كانت هناك إمرأة مسيحية ، لها نفس عمر جارتنا بديعة ، تدعى ( أوديت ) وكانت مشكلتها أنها فقدت عقلها وأصبحت معروفة في الحي ب ( المجنونة ) .
كانت ( أوديت) لها شعر كثيف جدا فيه نسبة قليلة من الشعر اﻷبيض وكان شعرها دائما منفوش ،وكانت عيناها جاحظتان قليلا وخاليتان من أي تعبير ، لذلك كان الجنون يبدو على ملامح وجهها من أول نظرة ، وكانت هي أيضا تقيم مع والدتها في قبو إحدى بنايات الحي ، وكان من عاداتها اليومية ان تخرج من البيت وتسير صامتة في الشارع أمام بيتها لمسافة عشرة أمتار تقريبا ذهابا وأيابا ، يداها متشابكتان خلف ظهرها ، ورأسها منكسا أرضا ، لفترة طويلة ربما ساعات ، وكانت كل ربع ساعة أو نصف ساعة حسب مزاجها ، هكذا وبدون أي سبب أو مبرر، تتوقف فجأة وترفع رأسها عاليا وتنظر إلى اﻹمام ويتهيأ لها وكأنها تنظر إلى عدة أشخاص وهميين ، ثم تبدأ بالكلام بصوت قوي ولهجة صارمة وكأنها تتشاجر معهم ، ثم فجأة تشير إلى أعضائها التناسلية ، وتتابع كلامها الحاد وكأنها تقول ﻷولئك اﻷشخاص الوهميين بأن كل ما يهمهم هو هذا ( أي أعضائها الجنسية ) ، وكان أطفال الحي عندها وهم يرونها تشير إلى أعضائها الجنسية ،يخفضون بصرهم إلى اﻷسفل خجلا وينفجرون بالضحك. ثم فجأة تنتهي من شجارها الوهمي وتخفض بصرها نحو اﻷسفل وتعود ثانية إلى عادتها المعروفة المسير ذهابا وأيابا.
في البداية كنت كثيرا من اﻷحيان أنظر إلى هذه المرأة المسكينة وأحاول أن أفهم ما يدور في عقلها وما يحدث بها في تلك اللحظات عندما تبدأ بشجارها الوهمي ، وشيئا فشيء تحولت إستفهاماتي هذه إلى شكل جديد وأصبحت أتساءل ماسبب وجود هذه المرأة في حينا ؟ وهل هناك علاقة ما مع تلك المرأة المسلمة ( بديعة ) ؟
أذكر إحدى المرات أن أمها إقتربت مني ومدت إلي يداها لتخبرني انها لا تستطيع فتح أصابعها. عندها تفاجأت بما رأته عيناي ، فقد كانت تستطيع تحريك السبابة واﻹبهام فقط ، أما اﻷصابع الثلاث اﻷخرى فكانت مغلقة بشكل دائم ، وهذا ما جعل خطوط الكف( Λ ا) (ا Λ) في يداها غير ظاهرة. في تلك الفترة لم أستطع فهم تلك العلاقة بين هذه الرموز وحالة إبنتها وبديعة. ولكن بقيت هذه العلامات في عقلي ، وهذا ما كان يدفعني دوما للبحث في تفسير ما يحدث في حينا على مستواه الروحي.
تفسير هذه العلامات بشكل مبدئي كما فهمتهاعندما وصلت لمرحلة الدراسة الجامعية ، كانت على الشكل التالي :
-جارتنا ( بديعة ) هي رمز للدين اﻹسلامي كما أصبح اليوم في عيون بقية الديانات ، إذا تمعنا جيدا في معنى كلمة ( إسلام ) كما هو مذكور في معاجم اللغة ، سنجد أن معناها هو " اﻹنقياد والخضوع واﻹمتثال لأمر اﻵمر ونهيه بدون أي إعتراض " ولكن هذا المعنى ناقص ولا يشرح بدقة كاملة معنى كلمة "إسلام " ﻷنه يحذف من معناه مصدره الحقيقي وهو كلمة (سلام ) والتي يتم ذكرها بعد إسم كل نبي ( عليه الصلاة والسلام ) فمعنى ( إسلام) كم هو مذكور في معاجم اللغة هو أقرب لمعنى كلمة ( إستسلام ) وهذا المعنى هو نوع من تشويه المعنى الحقيقي لهذا الدين ، أما معنى كلمة (إسلام ) فهو مختلف تماما عن هذا المعنى ، فالمعنى الدقيق لكلمة ( إسلام ) كدين هو ( فرض حب السلام على المؤمنين، فحتى تكون مؤمنا يجب عليك أن تكون إنسانا محبا للسلام )، لذلك رفض نبي اﻹسلام صلى الله عليه وسلم في السنوات اﻷولى من ظهور اﻹسلام من إستخدام القوة للدفاع عن اﻹسلام وحمايته ، هكذا كان دين اﻹسلام الحقيقي وهكذا كان يجب أن يبقى ،ولكن مستوى التطور الروحي للإنسانية في ذلك الوقت لم يكن ملائم بعد لهذا المستوى من الرقي الروحي ، لذلك أمر الله النبي بتجهيز جيش من المسلمين ، ولكن كان حلم الرسول أن يصل المسلمين في المستقبل إلى ذلك المستوى الراقي الذي سيجعل من المسلمين قدوة في نشر حب السلام والتعاون بين شعوب العالم ، ولكن وللأسف عندما أتت المرحلة المناسبة وأصبح معظم الناس يمكنهم الذهاب إلى المدارس وأصبح من السهل تقوية عاطفة حب السلام عن طريق المدارس ووسائل اﻹعلام والمسلسلات واﻷفلام السينمائية ، ظهر حزب إخوان المسلمين في عام 1928 بقيادة زعيمهم حسن البنا الذي ذكر في تعريفه للإسلام حسب فكر اﻹخوان المسلمين " إن اﻹسلام عقيدة وعبادة ، ووطن وجنسية،وروحانية،وعمل،ومصحف وسيف "ومن جميع هذه اﻷشياء كان أكثر الكلمة مناسبة لوصف هذا الحزب هو كلمة (السيف ) فسرعان ما تحول هذا الحزب إلى منظمة سياسية عسكرية إرهابية ،شوهت الدين اﻹسلامي في نظر المسلمين وغير المسلمين وشجعت على ظهور منظمات إسلامية أخرى تطالب بإستخدام السلاح لسفك دماء كل من يعارض رأيهم، وشيئا فشيء تحول اﻹسلام إلى دين إرهابي مخيف يشكل خطورة كبيرة على أمن المنطقة وسلامة مواطنيها ،وأصبح اﻹسلام دينا يبعث في نفوس اﻷمم اﻷخرى ليس فقط النفور منه، ولكن تقوية اﻹحساس بأنه يجب محاربته ومنعه من التواجد بقرب اﻷديان اﻷخرى.
- أما جارتنا ( اوديت ) فكانت رمزا للدين المسيحي كماوصل إليه اليوم تماما ، فأساس ظهور هذا الدين كان يعتمد على صفة هامة جدا من صفات مريم ، وهي العفة ، لذلك شاءت العادة مع ذكر إسمها أن يضاف مباشرة الصفة المعبرة عنها ليصبح إسمها ( مريم العذراء ) ، أما اليوم فكلمة ( عذراء ) أصبحت عند الفتيات الغربيات صفحة قبيحة، فالفتاة هناك إذا وصلت لعمر (14 ) عام ولم تفقد عذريتها ، فهي تخجل أن تذكر عن نفسها للآخرين بأنه لا تزال عذراء.
أذكر في بداية دراستي في معهد اﻹخراج السينمائي في اليونان ، أن أحد المدرسين وكان مخرجا ومنتج لمسلسلات مشهورة، صرح في حصة من بداية السنة اﻷولى أمام طلاب التمثيل وطلاب اﻹخراج قائلا ( كل فتاة ستمثل في أفلامي ومسلسلاتي ، يجب عليها أولا أن تمر من فراشي) قالها بكل صراحة وبكل وقاحة، وكأنه يقول لجميع الطلاب ( في مجتمع الفن لا مكان للشرفاء والشريفات ،من يعجبه كلامي ليستمر ، ومن لا يعجبه فليترك الفن ويذهب ويبحث عن مهنة أخرى )،
اليوم وبفضل هؤلاء اﻷساتذة المطففين ، تحولت المجتمعات المسيحية في عيون المسلمين المتعصبين إلى مجتمعات زنى وإشباع الشهوات الجنسية بطريقتها الحيوانية.
اليوم وبدلا من أن تساهم الديانات في تقوية المحبة والتعاون بين الشعوب، نراها أصبحت سببا في تقوية العداوة والبغضاء فيما بينها، واليوم حيث الظروف اﻷمنية أو السياسية أو اﻹقتصادية دفعت الكثير إلى الهجرة إلى بلدان أخرى ،وأصبحت أكثر مدن العالم اليوم خليطا من القوميات والديانات ، فقد تحولت هذه المناطق إلى قنبلة ذرية يكفي لشخص واحد أن يشعل فتيل هذه القنبلة ليصنع الفتنة بين القوميات المختلفة في المنطقة لتنفجر هذه القنبلة الذرية وتدمر المنطقة بأكملها.
اﻹنسانية اليوم تعيش في أسوأ مراحل تاريخها ، روح السوء تعشعش في جميع زواياها ، تنتظر إنسانا أعمى روحيا ليطلق شرارة النار ليحرق المنطقة بأكملها،لذلك قبل أن يقول أي شخص منا ، أنا مسلم ،أو أنا مسيحي أو يهودي أو أي ديانة أخرى ، أو أن يقول أنا سوري ،أو عراقي أو ألماني أو أي بلد آخر، يجب عليه أن ينظر إلى كف يديه ، سيجد هذه الخطوط (ا Λ ) ( Λ ا) ،هذه الخطوط لم توجد في كف يد اﻹنسان عبثا أو صدفة ولكن حكمة إلهية تساعده على فهم طبيعته الروحية، الخط ( ا ) هو حرف عربي وهو حرف اﻷلف ،الخط ( Λ ) هو حرف يوناني ويمثل حرف اللام ، فلفظ هذه الخطوط عندما تكون جنبا إلى جنب اΛ Λا تصبح كلمة عالمية تتألف من أحرف عربية ويونانية معا ،ولفظها ( اللا ) أي ( الله ) ، هكذا شاءت الحكمة اﻹلهية في خلق اﻹنسان أن توجد هذه الخطوط في كف اﻹنسان ، فإذا نظرنا إلى أيدينا سنجدها بشكل مختلف لا يحقق لفظ ( الله ) ولكن إذا شاهدناها في إنسان آخر يرينا كفوف يداه (الصورة) سنراها بالشكل الذي يحقق لفظ كلمة ( الله ) .
لذلك قبل أن نقول ( أنا ) يجب أن نقول (هو) إنسان يملك جزء من روح الله في داخله ، فمن أجل تقوية اﻹحساس بهذا الجزء في روح اﻹنسان ظهرت عاطفة حب الوطن ومن أجلها أيضا ظهرت الديانات ، والعلوم والمعارف ،فالشعور بهذا الجزء من الروح في أنفسنا وفي اﻵخرين هو أرقى أنواع المشاعر، وهو فقط من يستطيع قمع الفتنة وتطهير المنطقة من كل الأعشاش التي تختبئ فيها روح السوء.
قبل يومين إنتشر في وسائل اﻹعلام العالمية وفي برامج التواصل الاجتماعية ، صورة طفل غريق بعمر عامين رمت به أمواج البحر على شواطئ تركيا ،( الصورة ) ، أحد ضحايا النازحين الذين يحاولون بشتى الوسائل الهروب من بلادهم التي تسودها الفتنة والدمار ، إلى بلد آخر يضمن لهم حياة هادئة ،يشعرون بها بأنهم بشر من أبناء آدم وحواء، لهم روح تشعر وتتألم ولهم كرامة وحقوق .
البحر الذي غرق فيه هذا الطفل هو بحر اﻷبيض المتوسط ، تسمية هذا البحر بهذا اﻹسم ليست من اﻹنسان ولكن من عند الله عز وجل ليكون رمزا يحمل في داخله معنى اﻹتحاد الروحي بين الشعوب الغربية والشعوب الشرقية ، فاللون الابيض أي الضوء اﻷبيض يأتي من إتحاد اﻷلوان الرئيسية الثلاثة ( اﻷحمر ، اﻷخضر، أزرق ) لذلك سمي باﻷبيض ﻷنه يوحد القارات الثلاثة ، آسيا ، أوروبا، أفريقيا ، وللأسف هذا البحر اليوم خسر معناه الحقيقي وأصبح مقبرة لجثث آلاف الغرقى الذين هربوا من بلادهم التي تعيش الفتنة والدمار، حيث معظم هذه البلاد هي دول إسلامية.
إلهي زد علماء اليوم علما من علمك ونورا من نورك لعلهم يستيقظون من سكرتهم ، ويعلمون حقيقة ما يحدث في هذا العالم.
وسوم: العدد 632