تجارة أو عذاب أليم
كثيراً ما يقرأ أحدنا آيات من كتاب الله الكريم مراراً وتكراراً ، فلا يجد فيها سوى معاني محددة تتكرر في ذهنه كلما أعاد قراءتها، لكنه يعود إليها في مرة أخرى، فيفتح الله عليه معاني جديدة لم يدركها من قبل، من ذلك مثلاً معنى جديداً انقدح في ذهني أمس عند العودة إلى قراءة قوله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم * تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلك خير لكم إن كنتم تعلمون) سورة الصف، الآيتان ١٠ و ١١، فقد قرأت هاتين الآيتين مرات عديدة قبل ذلك فوجدتهما تتوعدان المؤمنين بعذاب أليم في الأخرة، إذا ما قعدوا عن الجهاد في سبيل الله، غير أني عندما قرأت هاتين الآيتين، وجدتني أعثر فيهما على معنى جديد يقول إن الله عز وجل يتوعد المؤمنين بعذاب أليم في الدنيا قبل الآخرة إذا ما قعدوا عن الجهاد، وقد رجح عندي هذا المعنى نتيجة ما أصبحت أراه هذه الأيام من عذاب أليم بات ينصبّ فوق المسلمين صباً هنا وهناك جزاء قعودهم عن الجهاد، وسكوتهم عن أنظمة متسلطة فاجرة لا ترقب في الله إلاً ولا ذمة، وانظر اليوم في كثير من بلاد المسلمين تجد مصداق هذا المعنى في ما يعانون من عذاب وعنت، وهذا ما جعلني أرجح أن هاتين الآيتين تحذران من العذاب الأليم في الدنيا قبل الآخرة لكل من قعد عن الجهاد ورضي بالظلم، وهذا ما نراه اليوم مثلاً من عذاب أليم راح ينصبّ على السوريين صباً جزاء سكوتهم الطويل وقعودهم عن الجهاد ضد النظام البعثي الطائفي الفاجر الذي تسلط عليهم ولم يواجهوه، ولم يأخذوا على يديه الآثمتين ... فهل من مدَّكِر ؟!!!
وسوم: العدد 661