آباءنا أمهاتنا معذرة إن لم نوفكم حقكم
يكاد القلب أن يذوب صبابة وحنينا كلما عنّ على خاطري عهد الطفولة والصبا الذي تسرب مني وكأنه سحابة صيف او حلم وسنان مر على عجل قبل أن آخذ بتلابيه وأعرف تفاصيله كان عهدا جميلا رائعا بكل أفراحه وأتراحه وملذاته وومنغاصاته وذلك لأن قلوبنا الصغيرة لم تكن تعاني قسوة الحياة ومطالبها ولم تباشر الكد في السعي لطلب الرزق كنا نجد كل شيءجاهزا ناجزا دون تكلف وعناء أكلنا وشربنا ولباسنا ومصاريف جيوبنا ولم نكن نعلم أن هذا الجاهز الناجز الذي نجده حاضرا عتيدا لم يصل إلينا إلابعرق آبائنا الذين كانوا يقتلعون الصخر بأناملهم ويحفرون الأرض بأهداب عيونهم لتأمين رغائبنا وتوفير مطالبناربما كان بعضهم يبيت على الطوى لنأكل ويعرى لنلبس ويجافي النوم عيونه قلقا على مستقبلنا والطعام الذي كنا ناكله كانت تعده بأريحية وسعادة أمهات رائعات طفحت قلوبهن حباجما لأزواجهن وأولادهن وكن ينثرن على الطبيخ بهارات من العواطف الجياشة التي تضفي عليه نكهة رائعة المذاق كنّ يقضين سحابة النهار في الاهتمام في الطبخ والنفخ وغسل الملابس ونظافة البيت وتهيتئه للراحة والاستجمام لايتبرمن ولا يشتكين بل يفعلن ذلك بفرحة غامرة وسعادة بالغة دون ان يأخذن اجرا على ذلك إلاثواب حسن التبعل للزوج ورعاية الابناء رحم الله امهاتنا وآباءنا الذي غادروا حياتنا ولكن صور شخوصهم مازالت محفورة في ذاكرتنا ساكنة في سويداء قلوبنا وان الندم والحسرة ليأكلان قلوبنا على كل ساعة مرت ولم نقبل فيها آياديهم ولم نجلس عند أقدامهم نطلب رضاهم ونستجدي صفحهم على كل ساعة لم نكحل فيها عيوننا بالنظر الى وجوههم البهية. و نستمتع بالجلوس اليهم نستمع الي عذب كلامهم وجميل نصحهم كيف يمكن ان نرد لهم جزءا من المعروف الذي قدموه والجميل الذي بذلوه كيف يمكن ان نوفي هذا الدين الذي يطوق أعناقنا والله انا احدنا ليتمنى من اعماق قلبه لورجع بنا الزمان الى سالف عهدهم لبذلنا كل غال ونفيس في سبيل رعايتهم وادخال الفرح إلى قلوبهم ولكن هيهات هيهات واني لاتوجه بالنصح الخالص لأولئك الذي لم يتخرم الموت آباءههم وأمهاتهم انتهزوا فرصة وجودهم في الحياة فإنهم باب من أبواب الجنة لاتجعلوا أحدا يكدر عليكم صفو الحياة معهم من زوجة أوولد او اخ اوقريب اوبعيد انصرفوا إلى رعايتهم واستجلاب رضاهم قبل ان يطرق الموت بابهم على حين غرة فتندموا على التقصير بحقهم ولات ساعة ندم . (ليس هناك من هو أحن عليك من ابويك وإن كانوا امواتا )
وسوم: العدد 661