مرايا..
لا تقتسم الصمت ليشاركك البوح سلامه. إذا خلا النص من العيوب ماذا تبقى للقارئ و الناقد؟ بطون المجاملة تنمو على أصوات المديح! الحب أنتِ، و كيف تُستنطق وريقات السوسن؟! يوارى البوح في المرايا لتُثخنه آهات الأثر! أيُّ دمعة أسرجت ذاتها لصراخك؛ و أيُّ لوعة تأوهت لخطوات الرحيل؟! العيون دفتر السلوك..
فمن يُكفكف دموع الأيتام و الأرامل في العيد؟
ما زال العيد ينسج ذكرياته على حصير المودة و التراحم. لا تُشعل الفانوس ما دُمت لا تُحسن معنىً للنور. ما أكثر التنظير، و ما أقل التدبير! لا نداء للوراء، و ظله يستقيم بالترحال! يكتظ صوتي في الطريق بين الحياة و المقبرة! قل للذي شد الحبال: لا ترتخي بعد النوال! الصمت عنوان التأمل. أحار ذاتي على متسق الخُطى، و أيُّ ذاتٍ تُدرك الفحوى؟! قافية الوجد يرسمها التواضع. مرآة الكاذب في نظراته. الحب طفل كلما حركت شفاهه تبسم. أحس بالوحدة، فراح إلى قبر زوجته يُحاكيها! لا تُفتش في الظلام، فتسقط في جُب التبعية. كيف لنا مسح الذكريات؛ و قد أرهقنا العُمر بحملها؟! إذا لم تعرف الحُب لا تدعيه بإهداء الورد. إذا توحدت المصالح تتابعت الخُطى، و كثرت الأعذار و المُبررات. لا تُجادل البخيل، و أيادي الكرم عندك مغلولة. لا تُراهن على البحر ساعة التجديف. إذا زاد المديح كثرت الولائم. كم أنتِ شغوفة للماء، و النهر جارٍ بلا ظمأ! سأله: أتكتب للإعجاب أم للأموال؟
فأجاب: و أين معيار الوعي و التأثير؟!
لماذا تُعد الأماكن لرحيلهم، و تُضيّع الأموال لدفنهم، و تنعى المآثر غيابهم، و الأغلب يبحث عن الوجاهة؟! أيُّ ثقافة هذه التي ترفع الكلام، و تخسر السلام؟! لا تُجدد في ابتسامتك طالما لم تحتمل النظر في المرآة. حضورها حديقة، و أيُّ الورد يُهديه إليها؟ لا تُفتش في المرايا عن حديثٍ أوغل جراحه بالصمت! لخطواتها يتراقص الخلخال، و في كلامها يُحوى الغنج! الحب شُعلة الأرواح..
فكيف يُراهن عليه بالعرض و الطلب؟!
أيُّ يدٍ تجمع ما تبقى من دموع الرحيل؟! طالما زرعت الورد لا تُمني نفسك بالمجهول. لا تتكئ على ماضي الهم، فتسقط في مستقبل الوهم. لا أُناس بالطريق طالما الظل رحل! ما زال البوح يُعتصر على رفيف التفاح! أيُّ عينٍ تُفتش عن نفسها بالخفايا؟! لم يعد يقبل وصايته الورد للمقابر! لا تُعول على أناسٍ أسنانهم قوارض. لا يعرف الورد إلا من اشتم أنفاسه. أوجعته الذكرى، فلاذ بقبر أمه يُخاطبه! بالتجارب تُستمد الخبرة. بأي حالٍ تُكتب أنفاس الذكريات؟! غاية الورد قُبلة على أوتار الوسن. الوعي ليس سيارة أجرة كلما احتجتها أشرت إليها من بعيد، و لا صحن منديٍ كلما لمعته باللعق، و أصوات التجشؤ!
ــ الوعي إن لم ينعكس ما في الأقوال على الأفعال لا خير فيه.
تداعت كل الحروف على أمشاج لحونها، فثمة ساعة فتتت أوجاع رحيله! لا تُراهن على أفواه الإعجاب طالما الموائد تفترش صدرها بالابتسامة و التصوير! جدتي..
لم تبرح تراتيل ثغرك كمسبحة تُطوق أفواج السحر!
طوبى لمن رحل، و ترك اسمه يتواتر بالدعاء. لا يُقاس الكرم بكمية الصابون لإزالة دسم الكبسة! أنى للعيد الفرح، و في طريقه آهات اليتيم؟! السعادة إرادة بعين الإنسانية. هل يُمكنك معرفة النية بالعمل؟!
ــ لذا لا تُقارن مستوى العباد لمجرد التخمين والتكهن.
كلما أبدعت زاد دُعاة الشراكة حولك!
ــ لذا لا تُبرهن بالحضور على حساب جودة التأثير.
ألملم ما تبقى من هُناك، و أجنح به إلى هُنا بالتأمل! الموسيقى: هي رسالة عميقة لتهدئة الأنفس لاكتشاف طبيعة الأشياء، و حيزها بدواخلنا. تسربلت على أطياف كلامها، و البحر يُناجي أطراف هيامه! معرفة الذات تُعطيك الثبات. الأنامل التي اتسخت لن تطمسها أفواه الزمن! الكتاب جسر العلم و سُلم المعرفة. لا تلتفت للخلف طالما أتقنت المسير. الكلام المُزركش لا تُراهن عليه ساعة الشدة! من كفه الماء لا يأبه بحجارة الأعمى. من جامل ذاته كثر سُباته. الصوت الراحل لن تُرجعه أصوات المديح. الإنسانية أن تصدق مع نفسك قبل أن تطلبها من غيرك. فوهة النميمة إشعال الشتيمة. بُغية المحتال تلوين الزُلال. أُماه..
أيُّ طفولة تنسى مواقفك؟!
و أيُّ عمر يُلملم حنانك بعد الرحيل؟!
أُماه..
كيف لنا أن نناغي شفاه طفولتنا من جديد؟!
و كيف لنا أن نفترش مُصلى غيابك؟!
أُماه..
كيف لنا أن نستنطق دموع الوجع؟!
و كيف لنا أن نستجدي قطرة ماءٍ من سماءٍ مصفرة؟!
أُماه..
أنّى للشمس نسيانك في حالكات الدهر؟!
و كيف للقمر أن يطوف في رحى يديك بالاستجابة؟!
.. أوما كنتِ تقتسمين رغيف عمركِ في كل يدٍ ممدودة، و عيون مشهودة للصغير و الكبير؟!
فذاك يتوارى بكلامه المتعب بالشكوى، و تلك التي نذرت عمرها بالحنين..
و ابتسامتكِ تُلون لنا عناوين الرضا بالكلام!
أُماه..
ما زالت صرخات الطين تعتصر صوت القراح فوق قبركِ..
و كأن منادياً يتوجس خلف خطاه نحو الكفن:
لا تلمس اعيـون الچفن بيها دموع
وعمرك العطشـان يا وليـدي يحــن
چــه وينه من العمر حچي الضلـوع
لصدرك الولهـــان بس يمـــه يــون
وسوم: العدد 676