حينما يكون الرجوع للوراء خيار الرئيس ابومازن لانجاز المصالحة

تداولت العديد من الصحف , ووكالات الأنباء أخبار تفيد بأن السلطة الفلسطينية وبقرار من رئيسها محمود عباس , تعتزم خلال الأسابيع القادمة إقالة حكومة الدكتور رامي الحمدلله , وتشكيل حكومة جديدة يترأسها سلام فياض , الذي كان رئيسا سابقا لحكومة فلسطينية تم تشكيلها , في عام 2007 واستمر على رأسها حتى عام 2013 بعدما تقدم باستقالته نظم , واعترض الكثير من الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حركة حماس النصف الأخر من الانقسام , إضافة لأصوات في حركة فتح كانت تنادي باستقالة فياض وتمغض أسلوبه في إدارة شؤون الحكومة.

سلام فياض شخصية إدارية عميقة , عمل كوزير للمالية فترة الرئيس الراحل ياسر عرفات وسرعان ما لفت الأنظار من خلال المهنية العالية ,  والأداء الجيد في عمله , وهذا ليس دفاعا عنه , إنما هو سرد لشخصية هذا الرجل وكيف وصل به الامر ليصبح رئيسا لحكومة تعاني انقسام بين شطري الوطن.

إذن الرجل ليس بشخصية جديدة تطرح على الساحة السياسية الفلسطينية , وله تجربة في رئاسة الحكومة , وقد جربته السلطة والشعب في إدارة شؤون البلاد , ويبقى السؤال المطروح , كيف للرئيس ابومازن أن يقدم على مثل هذه الخطوة ؟ , متراجعا إلى الوراء , راميا وراء ظهره كل الخلافات الشخصية بينه وبين سلام فياض , وإغلاق المؤسسة التابعة له بالضفة المحتلة , وهل ستدعم حماس هذا الخيار , باعتقادي أن حماس ستدعم هذا الخيار سواء بضغط مصري , أو أصوات داخل حماس تؤمن بحتمية التغيير والتجربة حتى لو تم الاستعانة بتجربة من سبقوا الحمدلله بالحكومة .

إذا ما استلم سلام فياض الحكومة القادمة للسلطة الفلسطينية , سيكون كالذي أوقد النار في نفسه , فلا يخفي على فياض ما تعانيه السلطة من أزمات متراكمة , بدءا من عقاب الرئيس لقطاع غزة , وأزمة السلطة ورئيسها مع الإدارة الأمريكية , وما يحاك ضد القضية الفلسطينية من الإعداد لصفقة قرن قد تقلب الطاولة في وجه الجميع.

الأمر الأخر لا بد لنا أن نعي بأن فياض سيكون كرامي الحمدلله , مجرد عنوان وأداة للرئيس وحاشيته لتنفيذ القرارات التي تملى عليه, ففي الواقع لن يكون لفياض قرار مخالف لسياسة وتوجهات الرئيس , وقد شاهدنا كيف التزام رامي الحمدلله بعدم العودة إلى غزة , أو متابعة أمورها بعد حادثة تفجير موكبه , وهذا لم يكن بقرار نابع مع الحمدلله كرئيس للحكومة , إنما كان قرارا من الرئيس محمود عباس , ورئيس جهاز المخابرات ماجد فرج الذي من المفترض أن يعمل بتوجيهات رئيس الحكومة , ولا يجوز أن يكون رئيس الحكومة مأمور بأوامر رئيس جهاز المخابرات .

ولكن كي لا نكون محبطين ربما تحمل الأيام القادمة في جعبتها العديد من الحلول لإنهاء الانقسام , خاصة في ظل التحرك المصري الجدي , والتحرك الاممي لدعم جهود المصالحة وتذليل العقبات لانجازها , فيصبح أمر الحكم بالنسبة لفياض يسيرا , وليس عبئا كما هو الحال اليوم مع رئيس الوزراء رامي الحمدلله .

الجهود المصرية بحاجة لدعم فصائلي , وشعبي حقيقي للضغط على طرفي الانقسام من اجل الوصول الى تحقيق المصالحة الوطنية , ومواجهة المخاطر المحدقة بالقضية الفلسطينية.

إذا الرسالة واضحة بأن الدكتور سلام فياض لن يغير من المنقسمين حتى يغيروا ما بأنفسهم , وهذا إن دل يدل بأن الشعب الفلسطيني تغيب عنه الديمقراطية الحقيقة بشكل قسري , وإعطاء الصلاحيات للحكومة كما هو الوضع في الدول المتقدمة والناجحة , وأما عن عودة الرئيس الى الوراء , وإعادة الكرة مرة أخرى مع سلام فياض فلن يكون بالأمر الهين ولن يأتي بجديد لطالما تتمسك حركتي فتح وحماس بالانقسام والبقاء في هذا الوحل.

وسوم: العدد 780