شاميات
بدأت القصة مع أطفال سطروا الحرية على الجدران، فاعتقلهم عاطف نجيب (27/2/2011). 18 طفلا من مدرسة الاربعين الابتدائية اقتلع أظافرهم وعذبهم حتى مات بعضهم. طالب أهل حوران بأطفالهم، فقال الخسيس: انسوهم وانجبوا غيرهم أو أرسلوا زوجاتكم لنقوم بالمهمة عنكم. اعتصم الاهالي في ساحة المرجة بدمشق، فطوقهم والامن واعتقل بعضهم (16/3/2011).
انفجر الغضب في حوران ثورةً سلمية تطالب بإقالة المحافظ والإفراج عن المعتقلين (18/3/2011). كبيرهم في الإجرام لم يعتذر لمروءة الناس المجروحة، ولا لمطالبهم المشروعة، وثرثر في البرلمان أمام المصفقين (30/3/2011) فطالب المتظاهرون بإسقاط النظام. اشتعلت درعا ورد المجرم الأكبر بإطلاق النار على الناس وحصار المناطق الثائرة لتركيعها. خرج أهل الجيزة صغاراً وكباراً ليكسروا الحصار عن باقي القرى؛ اللحم الحي في مواجهة الرصاص الحي. حمزة الخطيب (13 عاماً) وقف ببراءة يحمل خبزا أمام أحد الحواجز قرب مساكن صيدا العسكرية فاعتقلوه (29/4/2011)، وبلا رحمة عذبوه وقتلوه ومثلوا بجثته، وسلموها لأهله لتدفن بصمت (25/5/2011)، لكن أهله جعلوا من جثة ابنهم امتحانا لضمائر البشرية؛ "كان منتفخا . فكّه محطم ولحمه قد غُطّي بحروق أعقاب السجائر. قُطع عضوه التناسلي. كسرت رقبته. وظهرت عليه التعرض للصدمات الكهربائية، والجلد باستخدام كابل" (تقرير The Globe and Mail الكندية). منذ ذلك الحين صار حمزة أيقونة للثورة؛ تلهم ملايين السوريين.. إلى أن تحررت الجيزة وباقي مناطق درعا من نير النظام.
سبع سنوات مرت على حمزة الخطيب هانئا في قبره، وعلى قاعدة "يرضى القتيل ولا يرضى القاتل"؛ عاد الطاغوت إلى الجيزة لينتقم من لحد الطفل الأيقونة (نص اتفاق أهل درعا مع الروس على انسحاب قوات النظام من بلدة الجيزة لكن النظام لم يلتزم).
تحطيم قبر حمزة الخطيب ليس أشنع ما ارتكبه النظام بأهل الجيزة عندما سيطر عليها قبل أيام، ولكن للرمزية دلالتها في الرغبة بتحطيم عنفوان الناس وما صنعوه في زمن ثورتهم اليتيمة.
ملاحظة: في العام 2015 تمكن المصور المنشق المسمى قيصر من تهريب 55 الف صورة لـ 11 ألف شهيد تحت التعذيب؛ من بينهم 18 صورة شديدة البشاعة للطفلين الشهيدين حمزة الخطيب وثامر الشرعي وهما في مشارح الاعتقال.
لو كان النظام السوري قابلا للحياة؛ لكان حرياً به أن يشرح لجمهوره كيف يخلع على نفسه ألقاب الممانعة والمقاومة، ثم "لا تقبل إسرائيل وجوداً عسكرياً لغير الجيش السوري في المنطقة الحدودية بالجولان المحتل" (هآرتس 1/7/20218).. كان حرياً به أن يجيب عن سبب فرار عشرات آلاف السوريين منه إلى الحدود مع "إسرائيل"، بدلا من نزوحهم إلى مناطقه التي يزعم أنه إعادها إلى "حضن الوطن" (17/7/2018).. كان حرياً به أن يسأل عن سبب انتقال المسعفين أصحاب "الخوذ البيضاء" وعائلاتهم -بوساطة دولية- إلى الأردن عبر الجولان المحتل من "إسرائيل" وليس عبر درعا "المستعادة الى حضن الوطن"(22/7/2018).
أن يرى مواطنون النظام الذي يحكم بلادهم؛ أشد إجراما من العدو الإسرائيلي، فهذا ما يدفع قادة أي نظام للانتحار.. إلا في سوريا.
في غابة الإقليم "أسدٌ" صار "ذيلاً للكلب" (وفقا لوصف الروس)، وهو مشغول في منطقة الشام، وفي منطقة فارس "أسدٌ" ينبه الولايات المتحدة "من العبث بذيله؛ وإلا سيغضب ويندم العدو على ذلك ندماً تاريخيا". وبينهما أحمق يحذر؛ "إلى الرئيس الإيراني روحاني: إياك وتهديد الولايات المتحدة مجددا وإلا ستواجه تداعيات لم يسبق إلا لقلة قليلة عبر التاريخ أن عانوا منها".
المواجهات تحتدم في الإقليم وفوق رؤوسه أبنائه.
يُؤسر عناصر وضباط علويون من جيش النظام السوري ولا يقبل النظام بالمبادلة. يُعرض تسليم مناطق للنظام وخروج المقاتلين مقابل الإفراج عن المعتقلين ولو كانوا نساءً فيرفض النظام ايضا. بالمقابل؛ توافق جبهة النصرة "الإرهابية" على إخراج جماعة إيران من الفوعة وكفريا، فينصاع النظام؛ ويقبل بالإفراج عن 1500 معتقل من "النصرة" وأهاليهم وفصائل أخرى (ويفرج "حزب الله" عن 37 منهم ايضا)، علما أن الاتفاق هو الرابع من نوعه والأخير قبل إخلاء البلدتين بالكامل، وقد كان النظام السوري يدفع من "كيسه" في كل اتفاق سابق منذ الاتفاق الأول في العام 2016)
من الواضح ان حجم النفوذ الايراني في سوريا كبير لدرجة؛ لا يتصور فيها انفصاله عن النظام السوري بلا عملية قيصرية، لا بمجرد أن أمريكا وروسيا اتفقنا في هلسنكي على ذلك.
وسوم: العدد 782