سؤال الأستاذ فيصل القاسم :هل ينبي عما وراءه ..!؟

منذ ثلاثة أشهر لم أتابع قناة فضائية ، مللت من إعلام " قال وقلنا وقلنا وقال " بالأمس وفجأة أطل عليّ وجه الأستاذ فيصل القاسم من قناة الجزيرة في برنامجه الذائع الاتجاه المعاكس ..لأسمعه هو وليس أحد ضيفيه ، مع التحية لضيفيه كليهما معا، يقول بأنه طرح سؤالا على موقعه أو موقع الجزيرة لم أنتبه :

هل سورية المحررة لو صارت إلى حكم الفصائل ستكون دولة مثل سويسرة أو مرتعا لأمراء الحرب مثل كذا وكذا من البلدان ...

ويتبجح الأستاذ فيصل بأن 80% من السوريين المعارضين لبشار ، ويؤكد على هذه الصفة ،اختاروا الجواب الثاني أي أن سورية المحررة تحت حكم الفصائل ستكون مرتعا لأمراء الحرب مثل ليبية والصومال وأفغانستان ولم أضبط بدقة تعداد الدول التي تمثل بها ..

لقد كان موقف الأستاذ فيصل القاسم الوطني من الثورة السورية ، حتى الآن ، أنموذجا للمحامي الشرس عن قضية شعب مظلوم خذله الأقربون قبل الأبعدين ، وحاربته وما تزال ماكينة إعلام عالمي الأستاذ فيصل القاسم أعلم بمن يديرها ومن يوجهها ، ومن يحدد اهتماماتها ويطرح أسئلتها ، تشكيكيا في ميدان وترقيعا أو تصويجا في ميدان آخر.

تحولت عن القناة وأنا ما أزال أرجو أن يكون السؤال الذي طرحه الأستاذ فيصل هبة نزق عابرة في موقفه من الذين يسئيون باسم الثورة ، وليس تحولا في موقف يحاول أن يكون أكثر تجانسا مع تحولات السياسات الدولية والإقليمية ..

وأعتقد أن السؤال الذي طرحه فيصل القاسم مستعجلا كمن يقول لرجل امرأته حامل : هل تتوقع أن تنجب لك زوجتك طفلا كاملا مبدعا متعلما عالما يحمل شهادة جامعية ومرشحا منذ ولادته لنيل شهادة نوبل للإبداع ..

السؤال المقلوب الذي طرحه الأستاذ فيصل القاسم لا يطرح ، ولا يطرحه إلا من يريد أن يشكك في الثورة وإمكانيات الثوار ؛ وإلا فليجب فيصل القاسم نفسه هل ستطوي الثورة بمجرد انتصارها، وبمصباح علاء الدين السحري شبيك فيصل لبيك ، ركام نصف قرن من الاستبداد والفساد والطائفية والتأسيس الممنهج لتغييب الرشد وإحلال الضلال ..

هل إعلامي لامع مثل فيصل القاسم يتوقع أو ينتظر أو يطالب أن تقفز الثورة بسورية وبشعبها وبكل ما تعانيه قفزة من هذا النوع فتخرج من حطام إنسان ..وحطام مجتمع .. وحطام دولة لتكون سويسرا في صيرورة كلمة " كن "

كل العقلاء الذين يؤيدون الثورة ويدعمونها ويضحون من أجلها يعلمون أن الوعي والجهد والتضحية والصبر والمصابرة لإعادة بناء سورية بعد انتصار الثورة ، وهي منتصرة بإذن الله ، سيكون أكبر وأشق من كل ما قدمه الشعب السوري حتى اليوم .

80% الذين تفاعلوا مع سؤال فيصل القاسم كانوا على قدر الوعي في الجواب على سؤال لا يجاب عليه بواحد من اثنين ..

مهمة الثورة أولا أن تضع سورية الدولة والمجتمع على السكة الصحيحة التي تقودها عبر الجهد والمشقة لتكون دولة حقيقية لا مثل لمثلها في مجالات التمثيل ..وأما صيرورة بقاء النظام فهي الإمعان في التدمير والتحطيم والإفساد ..

طريق الثورة يضع سورية على طريق الصحة والشفاء بعد أن أنهك الجسد وتكاثرت العلل عليه ، وبقاء بشار الأسد سيقود سورية إلى المزيد والمزيد من الخذلان والدمار هذا هو منطق الإعلام الصادق غير المتحيز لغير الحق والحقيقة ونصرة الإنسان .

والسؤال المعكوس على الأستاذ فيصل ..

وهل البديل الذي يحكمه بشار الأسد اليوم تحت الوصاية الروسية والإيرانية والميليشيات السورية المتشاكسة هو مثل سويسرا أو أنه لا يرقى إلى مستوى ما تمثل به فيصل القاسم نفسه من تمثلات ليبية والصومال والعراق وأفغانستان ..

في سورية الأسدية التي تحسنها بمنطق ( مفهوم المقابلة ) يا أستاذ فيصل ضبط بالأمس في برادات العاصمة دمشق البهية خمسون طنا من لحوم العجول الفاسدة ..

لم يحصل هذا لا في ليبية ولا في الصومال ولا في أفغانستان ..

خمسون طنا تعني خمسين ألف كيلو غرام من اللحوم الفاسدة يتعشى عليها الفاسدون والخانعون والمستسلمون ...

وألف هنا للبطون وشفا للعقول والقلوب والنفوس ..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 789