تحذير خطير لمن يتداولون عبر وسائل التواصل الاجتماعي الأخبار أو الصور أو الفيديوهات الخادشة للحياء
تحذير خطير لمن يتداولون عبر وسائل التواصل الاجتماعي الأخبار أو الصور أو الفيديوهات الخادشة للحياء سواء كان ذلك عمدا أو عن غير قصد
من الأحاديث النبوية الشهيرة التي يرددها غالبية المسلمين، الحديث الذي ورد في صحيح الإمام مسلم رحمه الله تعالى، والذي رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابي الجليل تميم الداري رضي الله عنه ،والذي يقول فيه عليه الصلاة والسلام : " الدين النصيحة ، قلنا :لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم " . وهو حديث يلزم كل مسلم بالنصح ، وعملا به ارتأينا أن ننصح مستعملي وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك بتحذيرهم مما حذر منه الله عز وجل عباده المؤمنين خصوصا، وغير المؤمنين عموما وهو حب إشاعة الفواحش في المجتمع المسلم .
وإذا ما كان غير المؤمنين لا يبالون بتحذيره سبحانه وتعالى ، فإنه يتعين على المؤمنين بحكم عهد الإيمان الذي عاهدوا به خالقهم أن يحذروا تجاهل ما حذرهم منه لأنه الأمر في غاية الخطورة .
وهذا التحذير هو قول الله عز وجل : (( إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون )) . فكما هو معلوم لهذا القول سبب نزول ،ولكن لما كانت رسالة الإسلام موجهة للعالمين إلى قيام الساعة ، فالعبرة بعموم ألفاظها لا بخصوص أسباب نزولها، لأن الألفاظ إنما وضعت من أجل التشريع لعموم البشر ، ولا يقتصر تشريعها على من كانوا سببا في نزولها .
وإذا ما تدبرنا هذا التحذير الإلهي، وهو يتضمن في نفس الوقت وعيدا شديدا ،نجد أن الذي استوجب هذا الوعيد هو مجرد حب شيوع أو فشو الفاحشة في المجتمع المسلم المفروض في أهله الاستقامة وفق الفطرة التي فطرهم الله عز وجل عليها . والفواحش هي كل مستقبح من الأفعال أو الأقوال أو ما يسد مسدهما التي تبلغ حدا عظيما من القبح والشناعة ، لأن في ذلك مفسدة للفطرة .
وحب شيوع الفاحشة مهما كان نوعها، هو ذلك الاستعداد النفسي الذي يجده البعض في نفوسهم للوقوع فيها على اعتبار أنها أمر محبوب لدى النفس، تتشوق إليه . والمقصود بشيوع الفواحش هو تداول أخبارها لتفشو وتنتشر على أوسع نطاق . وإذا كان الإنسان المؤمن بطبعه لا يحب أن يشيع عنه في الناس ما يسوءه ، فوجب عليه أن يكره ذلك لغيره أيضا ليكون مؤمنا حقا عملا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " .
ومعلوم أن الخطورة الناجمة عن إشاعة أخبار الفواحش تكمن في حصول التطبيع معها والاستئناس بها بسبب تكرار تداولها وانتشارها بين الناس . وقد يأنف الناس ويرفضون في البداية سماع أو رؤية فاحشة من الفواحش ، لكنها إذا ما تم تداولها بينهم يبدو لهم الأمر شيئا فشيئا عاديا ، فيحصل حينئذ التطبيع معها . وبحصول التطبيع معها بسبب كثرة تداولها يحدث البعض نفوسهم بالوقوع فيها . ولهذا توعد الله عز وجل بشدة من يشيعها في الذين آمنوا لأنه بإشاعتها كأنما يشجع عليها وإن لم يقصد ذلك ، أما إذا قصده وتعمده فأمره أخطر .
ومما يغفل عنه كثير من المؤمنين في هذا الزمان هو مشاركتهم في إشاعة أخبار الفواحش أقوالا سواء كانت مكتوبة أو ملفوظة ، وصورا سواء كانت جامدة أو متحركة ،و أشرطة سواء كانت مسموعة أو مرئية أو وفيديوهات ،يتبادلونها فيما بينهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي الواسعة الانتشار عن وعي وقصد أو دون وعي وقصد .
وقد يرى الكثير منا أنه لا بأس في تداولها ما دام القصد هو الدعابة والتنكيت والترويح عن النفس دونما انتباه إلى أن الأمر يتعلق بإشاعة الفواحش وهو ذنب عظيم عند الله عز وجل . ومعلوم أن الميل إلى تداولها بغرض التندر يعني حبها ، وحب إشاعتها ،وهو ما حذر منه الله عز وجل، وتوعد الواقع فيه بالوعيد الشديد.
ولقد عقب الله تعالى بعد الوعيد مباشرة بقوله : (( إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون )) ،وفي هذا تنبيه للذين لا يرون بأسا في تداول أخبار أو صور أوفيديوهات تتعلق بفواحش زاعمين أن ذلك لا ضرر فيه، وهم لا يعلمون ما يعلمه الله سبحانه وتعالى فيها من أضرار، وما لها من عواقب وخيمة .
ولهذا يفرض النصح الواجب شرعا علينا كمسلمين أن ننبه كل المؤمنين وكل المؤمنات ألا يساهموا في تداول أو تبادل كل ما يخدش الحياء عبر وسائل التواصل الاجتماعي بذريعة تبادل النكت من أجل التندر أو الترويح عن النفس. إن الأمر في غاية الخطورة ، وعلى كل من يتوصل بخبر أو مشهد مصور أو فيديو مخل بالحياء أن يشطبه فور توصله به ، وأن يسدي النصح لمن وافاه به ليشطبه بدوره ،ولا يعود لذلك أبدا ،ويستغفر ربه حتى لا يكون مشمولا بما توعد الله تعالى في الدنيا والآخرة من يقترف جرم حب إشاعة الفواحش في الذين آمنوا.
اللهم قد بلغنا فاشهد .
وسوم: العدد 794