قصة اليوم | حدث في 29/1/2019 معرة النعمان
كتب الدكتور طراف الطراف على حسابه في فيس بوك :
أصعب موقف يمكن أن يواجه الجراح عندما تأتي سيارات الإسعاف و تلقي بأكوام اللحم و الأشلاء و المصابين في غرفة الاسعاف هو كيفية اختيار المريض الذي ستعمل على علاجه...
اليوم في غرفة العمليات كان هناك مصابان بالقصف علاماتهما الحيوية متدنية.. و بدأل يدخلان بصدمة نزفية.. و هناك غرفة واحدة شاغرة و بقية الغرف مشغولة بالجرحى.. الأول رجل ثلاثيني مصاب بشظايا بالبطن و الظهر؛ و الثاني طفل قدرت عمره بحوالي 4 سنوات مصاب بشظية في أعلى ظهره و بطنه.. و علي أن أختار أحدهما.. و مرت علي بضع ثوان كأنها دهر.. و ثقل صدري و ضاق نفسي.. و لكن غلبت عاطفتي عندما رأيت ابني في الطفل المصاب فأدخلته إلى غرفة العمليات و بدآت رحلة الإنعاش و محاولة إنقاذ الحياة.. و استمرت حوالي نصف ساعة.. لكن الموت كان أقوى من حضورنا.. و أعلن طبيب التخدير موت الطفل.. خرجت و إذا بالرجل المصاب لازال موجودا...و كانت صدمة النزف قد أوصلته للنزع.. فأدخلناه و بدأنا محاولة إنعاشه ( فتح البطن؛ تفجير صدر؛ إنعاش بالدم و السوائل و الذي كان بدأ بصالة الانتظار).. و أيضا كان الموت أسرع....
كانت أعصابنا مرهقة.. و نفوسنا محطمة.. و االدموع تختتق في مآقينا.. خرجت من غرفة العمليات محبطا محطما.. فاستقبلني أحد الأهالي ليخبرني أن الطفل و الرجل هما أب وولده.
يالله!!.. رحماك ما كل هذا القهر!!؟!
وسوم: العدد 810